kawalisrif@hotmail.com

مليلية توقّع اتفاقية لدفن المسلمين … بثمن “محترم”

مليلية توقّع اتفاقية لدفن المسلمين … بثمن “محترم”

في مشهد يُذكّرنا بواقع الاحتلال المغلّف بأغلفة التعاون الإداري، وقّعت مدينة مليلية المغربية المحتلة اتفاقية تعاون جديدة مع اللجنة الإسلامية المحلية، تنظم بموجبها خدمات الدفن داخل المقبرة الإسلامية. قيمة الاتفاقية؟ 80.000 يورو. نعم، الموت في مليلية له “ميزانية” .

الاتفاقية، التي وُقّعت يوم أول أمس الثلاثاء، تنصّ على تحويل مبلغ مالي مباشر إلى اللجنة الإسلامية مقابل قيامها بمجموعة من المهام المرتبطة بمراسم الدفن: من غسل وتكفين ونقل الموتى، إلى فتح أبواب المسجد وإغلاقها، مرورًا بصيانة بعض المرافق التي لم تُصنَ أبدًا حين تعلّق الأمر بمرافق الحيّ.

ومن المفارقات أن المدينة، التي لطالما تجاهلت مطالب السكان المسلمين الأحياء في قضايا التعليم والتوظيف والسكن، تتعامل بكرم واضح حين يتعلق الأمر بمن غادروا الحياة. كأن لسان حالها يقول: “إذا لم نمنحكم حقّكم أحياء، فعلى الأقل نُحسن توديعكم أمواتًا”.

وتُقدَّم هذه الاتفاقية، في البيانات الرسمية، باعتبارها تجسيدًا لاحترام الخصوصيات الدينية للمجتمع المسلم في مليلية. لكن الحقيقة أن الأمر يبدو أقرب إلى تدبير إداري لضبط “عبء الموت”، بدلًا من كونه التزامًا نابعًا من اعتراف عميق بالهوية الدينية والثقافية للمغاربة المسلمين داخل المدينة المحتلة.

اللجنة الإسلامية، من جهتها، ستتولّى توظيف الطاقم اللازم لتنفيذ هذه المهام، دون أن يكون لهؤلاء علاقة مباشرة بالإدارة العمومية، ما يُبقيهم خارج أية حماية قانونية أو ضمانات مهنية. وكأن الموت تحوّل إلى “صفقة خدمات” تُنفذ بعقود غير مكتوبة، في مدينة تُسيّر بعض جوانبها الحساسة بمنطق التفويض المؤقت.

الاتفاقية تتجاوز الدفن إلى تقديم ما يُسمّى “الدعم القانوني والديني والمعلوماتي” لأهالي الموتى، في محاولة لإعطاء الطقوس بعدًا مؤسساتيًا. لكنّ هذا الدعم، في كثير من الأحيان، لا يُترجم إلى حضور فعلي أو مساندة نفسية حقيقية، بقدر ما يبقى سطرًا جميلاً في ورقة الاتفاق.

ومن اللافت أن اتفاقًا مشابهًا تم توقيعه سنة 2024، ما يدلّ على أن المسألة تحوّلت إلى “بروتوكول سنوي”، يُجدّد دون مراجعة للفعالية أو تقييم لحاجيات الجالية المسلمة في مليلية، التي ما زالت تكافح من أجل إثبات وجودها في مناخ سياسي واجتماعي شديد الإقصاء.

وفي النهاية، تعتبر سلطات الاحتلال الإسباني أن هذه الخطوة تعبير عن “العيش المشترك” واحترام التعدد الديني. لكن المغاربة هناك، ممّن ضاقت بهم سُبل العيش الكريم، لا يسعهم إلا أن يتساءلوا: متى نوقّع اتفاقية للحياة الكريمة، والتعليم اللائق، والصحة، والعمل… قبل أن نُمنح فرصة الدفن “بشروط جيدة” ؟

15/05/2025

Related Posts