في ظل تصاعد الجدل الدولي حول مصيرها، تسعى بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية (المينورسو) إلى تأمين استمرارها وسط تقلص في الدعم من قِبل قوى غربية كبرى، في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا. وفي مواجهة هذا التراجع، تتجه البعثة إلى دول لم تحسم موقفها بعد، مثل روسيا والصين، بحثًا عن سبل جديدة للتمويل والدعم. من بين أبرز المساهمين الجدد، تبرز ألمانيا التي قدمت أكثر من 82 مليون يورو لتعزيز قدرات البعثة في مجالات التدريب، الطاقة المتجددة والدعم اللوجستي، في خطوة توحي بمحاولة لسد الفراغ المؤسساتي دون التورط في تبنٍ سياسي مباشر.
هذا التوجه يعكس تغيرًا في موازين القوى داخل مجلس الأمن الدولي، حيث باتت بعض الدول الكبرى تُعبّر عن مواقف أكثر وضوحًا تجاه النزاع، متبنية الطرح المغربي القائم على الحكم الذاتي كحل واقعي ونهائي. وفي هذا السياق، يرى الباحث في الشؤون السياسية والدولية، بوسلهام عيسات، أن انسحاب الولايات المتحدة وفرنسا من تمويل البعثة لا يعد مجرد قرار إداري، بل هو موقف سياسي يعكس تحولًا استراتيجيا في طريقة تعاطي المجتمع الدولي مع القضية. كما يشير إلى أن لجوء المينورسو إلى البحث عن دعم ظرفي من أطراف جديدة يعكس إدراكها بأن دورها الميداني أصبح محدودًا في ظل خروقات جبهة البوليساريو وتراجع فعاليتها في مراقبة وقف إطلاق النار، خصوصًا شرق الجدار الرملي.
من جانبه، يؤكد أستاذ العلاقات الدولية حسن بوقنطار أن هذه التحركات تعبّر عن وعي داخلي داخل البعثة بأن وجودها بات مهددًا، وأن مستقبلها مرتبطٌ بقدرتها على إقناع القوى الدولية بجدوى استمرارها. غير أنه يرى أن التحرك نحو موسكو وبكين لا يمثل تغييرًا في التحالفات بقدر ما هو محاولة لإعادة التموضع داخل مجلس الأمن. ويخلص بوقنطار إلى أن السياق الدولي الحالي لم يعد يسمح باستمرار بعثات أممية دون فعالية، داعيًا إلى تجاوز منطق التمديد التقني والعمل على بلورة إطار تفاوضي جديد، يأخذ بعين الاعتبار الدينامية السياسية المتسارعة لصالح المقترح المغربي، وما أفرزه من دعم دبلوماسي متنامٍ على الصعيد الدولي.
16/05/2025