استنفرت المصالح المركزية للفرقة الوطنية للجمارك أجهزتها في أعقاب تنامي تدفق كميات كبيرة من مادة “الكازوال” نحو السوق السوداء، حيث باشرت تحريات ميدانية مكثفة إثر معلومات دقيقة وفّرتها خلية اليقظة وتدبير المخاطر التابعة للجهاز. التحركات الأمنية استهدفت تحديد مسارات تسرب الوقود من أوراش البناء والوحدات الصناعية الكبرى، وسط مؤشرات قوية على التلاعب بالفوترة و”أوامر المهام” واستغلال ثغرات في مراقبة نقاط التخزين والتوزيع، لا سيما في محيط الدار البيضاء والجديدة وطنجة.
التحقيقات الأولية كشفت عن نشاط شبكات متخصصة في اختلاس المحروقات، تعتمد أساليب تمويهية عبر إدراج الكميات الزائدة في قوائم “النفقات الجارية”، ضمن وحدات صناعية وآليات ضخ المياه والحفر والإنارة. وأكدت مصادر مطلعة لـ”كواليس الريف” تورط عناصر هذه الشبكات في تزوير فواتير وتضخيمها للحصول على كميات غير مستحقة من الوقود، تم تعبئتها في صهاريج صغيرة وسحبها نحو مستودعات عشوائية، بعضها مشيّد فوق أراضٍ فلاحية ويُستغل بعيداً عن أعين الرقابة.
وأشارت المعطيات ذاتها إلى أن عمليات نقل وتخزين “الكازوال” المهرب تتم في سرية تامة، باستخدام صهاريج قابلة للنقل عبر شاحنات صغيرة، مع التركيز على التنقل ليلاً لتفادي التفتيش على المحاور الطرقية الحيوية. واعتمدت الشبكات على سماسرة لتصريف الوقود بأسعار تقل عن أثمان محطات البنزين، ما دفع الجمارك للاستناد إلى شكايات أرباب المحطات وشركات التوزيع لتعقب هذه التحركات. ويستهدف المهرّبون فئات محددة من الزبائن، بينهم فلاحون ومقاولون صغار ومستخدمو تطبيقات النقل الحضري، وهو ما زاد من رقعة انتشار السوق السوداء وأثار مخاوف حقيقية من المخاطر المرتبطة بتخزين المواد القابلة للاشتعال في بيئات غير آمنة.
21/05/2025