في خطوة غير متوقعة لكنها محمّلة بالرسائل، أصدر عامل عمالة المضيق الفنيدق، السيد ياسين جاري، يوم الأربعاء 21 ماي 2025، قرارًا يقضي بإعفاء الهادي الطاس، خليفة قائد المقاطعة الرابعة بمدينة مرتيل، من مهامه وإلحاقه بالباشوية دون أي مسؤوليات تنفيذية. القرار، الذي وُصف في الأوساط الإدارية بـ”العقابي”، لم تُكشف أسبابه الرسمية بعد، لكنه فجّر جدلاً واسعًا حول خلفياته ودلالاته.
ورغم غياب أي بلاغ رسمي يوضح حيثيات الإعفاء، تشير معطيات متقاطعة إلى أن الخطوة جاءت كرد فعل حاسم على ما اعتُبر “تعنتًا إداريًا” من طرف الطاس، بعد إصراره على قضاء عطلة إدارية في توقيت حساس، متحديًا بذلك تنبيهات المصالح الإقليمية التي دعت إلى مراعاة ظرفية دقيقة تمر بها المقاطعة.
وتضيف مصادر مطلعة أن الخليفة لم يكتف بالتشبث بمطلبه، بل أدلى بشهادة طبية لتبرير غيابه، ما اعتُبر استفزازًا وتحديًا مباشراً لسلطة العامل، ليتقرر في أعقاب ذلك إبعاده من موقع المسؤولية.
لكن خلف هذا القرار الإداري تكمن ملفات أكثر سخونة. فقد كان الهادي الطاس، حسب فعاليات مدنية وسكان محليين، محط انتقادات شديدة بسبب “تراخيه المريب” إزاء فوضى البناء العشوائي واستنزاف الرمال، وهي الظواهر التي تفاقمت بشكل خطير داخل نفوذ المقاطعة الرابعة.
وقد كشفت جريدة “كواليس الريف” في تقارير سابقة عن “تواطؤ” بين الخليفة وبعض بارونات العقار، ومنتخبين وبرلماني ، و “غض الطرف” عن ممارسات غير قانونية، ما أثار موجة غضب عارمة في أوساط الرأي العام المحلي، واعتبره كثيرون وصمة عار في جبين الإدارة الترابية.
قرار الإعفاء قوبل بارتياح واسع لدى الساكنة والنسيج الجمعوي، الذين اعتبروا الخطوة بداية حقيقية لمسار تصحيحي يعيد الاعتبار لهيبة الإدارة ويكرّس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. واعتبر متتبعون أن العامل بعث برسالة واضحة مفادها أن زمن التساهل مع مظاهر العبث الإداري قد ولّى.
وفي محاولة يائسة لطمس الحقائق، نشرت “جريدة الأخبار” – المعروفة بعلاقاتها المريبة مع لوبيات الفساد العقاري – مقالة وصفت بأنها مفبركة، حاولت من خلالها تشويه محتوى تقارير “كواليس الريف” وشيطنة كل من يفضح المستور، متغذية من رصيف الإتاوات والإملاءات.
لكن وعي الشارع المحلي بات أكثر حدة، ولم تعد مثل هذه المحاولات قادرة على تضليل الرأي العام أو حجب الحقيقة التي باتت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى: أن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى، وأن الإدارة الجديدة لا تتسامح مع الفساد مهما كان موقعه.
22/05/2025