كشفت صحيفة “أتاليار” الإسبانية عن ملامح استراتيجية دعائية تنتهجها الجزائر منذ عقود داخل الأوساط اليسارية الإسبانية، بهدف ترويج خطاب جبهة البوليساريو الانفصالية، وتشكيل وعي أوروبي متعاطف مع أطروحة “حق تقرير المصير”. هذه المقاربة لا تقتصر على التحرك الإعلامي فحسب، بل تتغلغل عبر شبكات سياسية، وجمعيات، ومراكز فكر، تُبث من خلالها رسائل إنسانية المظهر، لكنها تخفي أهدافاً جيوسياسية دقيقة، يسعى النظام الجزائري من خلالها إلى ترسيخ نفوذه الإقليمي والتشويش على استقرار المغرب.
وأوضحت الصحيفة أن تغير الموقف الرسمي للحكومة الإسبانية، بدعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل واقعي ومتوازن لنزاع الصحراء، شكل صدمة للدبلوماسية الجزائرية، التي ردت بتكثيف حملتها الإعلامية في الفضاء الإيبيري. ومن خلال المنتديات والمنابر والمنصات الرقمية، تحاول الجزائر تأطير النزاع المفتعل ضمن سردية التحرر العالمي، مقارِنة – عنوة – بين ملف الصحراء وقضايا أخرى مثل فلسطين، في تشبيه تراه الصحيفة الإسبانية خادعاً، ويتغافل عن الفروقات الجوهرية بين السياقين.
كما أضاءت الصحيفة على أزمة الشرعية التي تعيشها البوليساريو، في مقابل بروز حركة “صحراويون من أجل السلام” كمكون بديل يطالب بحل سياسي سلمي داخل السيادة المغربية. وأبرزت أن الجزائر تستخدم هذا النزاع لتبرير القبضة العسكرية داخلياً، عبر رسم صورة “العدو الخارجي”، في محاكاة لخطابات الحرب الباردة. وفي الوقت الذي تنتقد فيه الجزائر قضايا حقوق الإنسان خارج حدودها، تواجه بدورها انتقادات واسعة بشأن قمع الصحافة وتضييق الحريات العامة. وتختم الصحيفة بدعوة إلى مراجعة شاملة للخطاب السائد حول قضية الصحراء في إسبانيا، ترتكز على المعطيات الموضوعية وتتجاوز التأثيرات الأيديولوجية، لبناء فهم أعمق ومتوازن يتماشى مع تطورات منطقة المتوسط وشمال إفريقيا.
23/05/2025