في مشهد يختزل عبث المشاريع التنموية بالمغرب العميق، عبّر مواطنون غاضبون من الجماعة الترابية أربعاء تاوريرت بإقليم الحسيمة عن سخطهم الشديد لما وصفوه بـ”الفضيحة” التي تلطّخ مشروع توسعة الطريق بين دوار الرواضي والطريق الوطنية رقم 5204، على مسافة لا تتعدى 2.6 كيلومتر … نعم، مجرد كيلومترين تحوّلت إلى مسرح مفتوح لشبهات الغش والتواطؤ.
الساكنة التي انتظرت هذا المشروع لفكّ العزلة عن دوارها، تجد نفسها اليوم أمام طريق تُبنى بأتربة محلية، من أراضيهم، عوض مواد البناء المنصوص عليها في دفتر التحملات. المقاولة، التي رست عليها الصفقة منذ فبراير 2024، تتصرف كما لو أن لا قانون يعلو فوق سطوتها، تغش في جودة التربة، تُهمل المعايير، وتستبدل الرمال الإسمنتية بأتربة لا تقاوم مطر شتاء واحد.
والسؤال الكبير: أين الجهات المسؤولة؟ أين رئيس الجماعة الذي “صوّت” المجلس على انتدابه لتتبع الأشغال ، وفوق كل هذا وذاك ، أين السلطة الوصية ( عامل الإقليم ) ؟
المديرية الإقليمية للفلاحة التزمت، الوزير وعد، والمجلس ناقش… لكن النتيجة؟ صمت مطبق، وأشغال مشبوهة تتواصل بلا حسيب ولا رقيب.
كيف يُسمح لمقاولة أن تعبث بهذا الشكل بمصير مئات الأسر؟ لماذا لا تُفعّل المساءلة، أو على الأقل يُفتح تحقيق شفاف في ما يحدث؟
هل نحن أمام نموذج مصغر للفساد المستشري، أم مجرد “سوء تفاهم تقني” كما يحب البعض تبرير كل كارثة؟
إنها ليست مجرد طريق… إنها مرآة واضحة لما يحدث حين يغيب الضمير وتغيب الرقابة … فإلى متى هذا الاستهتار؟ ومن سيوقف هذه المهزلة قبل أن يتحوّل دوار الرواضي إلى شاهد آخر على تنمية مشوّهة تموت قبل أن تولد ؟
