في مشهد أعاد إلى الأذهان صور التحقيقات الكبرى التي هزّت مؤسسات عمومية ، حلّت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالناظور مؤخرًا، في مهمة دقيقة تستهدف أحد أكثر الملفات تعقيدًا وتشعبًا في المنطقة: البناء غير القانوني في النفوذ الترابي لوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا.
ففي إطار البحث الجاري بأمر مباشر من الوكيل العام المكلف بجرائم الأموال، انتقل محققو الفرقة الجهوية إلى عين المكان للوقوف على خروقات وصفت بـ”الخطيرة”، تمثلت في إضافة طوابق إلى مبانٍ سكنية بشكل مخالف للقانون، بتواطؤ من مسؤولين نافذين داخل الوكالة، وعلى رأسهم المدير العام السابق سعيد زارو.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الاستماع شمل مجموعة من المقاولين الذين أكدوا في تصريحاتهم أن عمليات الزيادة في الطوابق تمت بموافقة مباشرة من زارو .
أسماء بارزة في عالم البناء والعقار تم استدعاؤها، من قبيل حكيم بوشعر، وعادل القضاوي، وعبد السلام الورداني ، ومحمد الروتبي وغيرهم …، حيث أجمعوا على أن الأوامر كانت تصدر من أعلى هرم الوكالة، وأنهم لم يكونوا ليتجرأوا على مخالفة قوانين التعمير دون تلقي الضوء الأخضر من داخل المؤسسة وبغلاف” قانوني” .
في السياق نفسه، يواصل سعيد زارو، الرجل القوي السابق بوكالة مارتشيكا، مواجهة حلقات متتالية من التحقيق من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس، منذ حوالي سنة ، في ملفات تتعلق بالفساد الإداري والمالي، حيث يُحقق معه إلى جانب كل من سامي بوحميدي،، ومدير شركة “مارتشيكا ميد” السابق محمد الإدريسي.
القضية التي تهزّ مدينة الناظور اليوم، ليست فقط قضية طوابق أضيفت خلسة، بل تكشف عن طبقات من التعقيد تتشابك فيها المصالح بين مقاولين ومسؤولين، وتطرح أسئلة مقلقة حول نزاهة تدبير مشاريع استراتيجية يفترض أن تكون رافعة للتنمية، لا بؤرة للفساد.
ويُنتظر أن تكشف الأيام القادمة عن معطيات أكثر تفصيلًا، خاصة بعد توالي الاستدعاءات وتوسيع دائرة البحث لتشمل موظفين ومقاولين آخرين، مما ينذر بأن زلزال مارتشيكا قد يكون مقدمة لزلزال أكبر قد يضرب مؤسسات مشابهة في مناطق أخرى من المملكة.
28/05/2025