في مشهد طالما انتظره الشارع المحلي، أسدلت غرفة الجنايات المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة فاس الستار، بداية هذا الأسبوع، على واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل، والمتعلقة بما عُرف إعلاميًا بـ”تزوير ضمانات الصفقات بجماعة تاوريرت” — خلال الحقبة التي ترأس فيها الجماعة البشير بوخريص، المنتمي لحزب الحركة الشعبية.
القضية التي تفجّرت تفاصيلها بعد عزل بوخريص من طرف العامل السابق، توبجر، كشفت خيوط تلاعبات خطيرة في المال العام، وانتهت بأحكام وُصفت بأنها “صارمة لكنها عادلة”، إذ قضت المحكمة بالسجن النافذ لمدة سنتين وسبعة أشهر في حق كل من البشير بوخريص، وصاحب المقاولة الفائزة بالصفقة المشبوهة، المدعو يوسف حنين، المعتقل حاليًا بسجن بوركايز بفاس، وهو شقيق المعروف محليا بوجدة عبد الإله حنين، إلى جانب موظف متصرف بقباضة تاوريرت، نال هو الآخر نفس العقوبة.
التهم كانت ثقيلة: تزوير محررات صادرة عن مؤسسة بنكية، واستعمالها للفوز بصفقة عمومية بطرق احتيالية، وتبديد أموال الدولة. ثلاثية سوداء فتحت جرحًا غائرًا في جسد الثقة بين المواطن والإدارة، لكنها في الآن نفسه، شكّلت خطوة جريئة نحو ترسيخ دولة القانون.
هذا الحكم، الذي اعتبره متابعون “سيفًا ذا حدّين”، لم يكن فقط إدانة قضائية، بل كان بمثابة صرخة مدوية ضد الفساد السياسي والإداري، ورسالة واضحة مفادها: لا أحد فوق المحاسبة، والمال العام ليس حقلًا للنهب.
28/05/2025