في خطوة وُصفت بالمتأخرة لكنها حاسمة، أعلنت الحكومة الإسبانية عن تبنّي بروتوكول طارئ جديد لتوزيع نحو 1200 قاصر من طالبي اللجوء الذين وصلوا مؤخرًا إلى جزر الكناري، وذلك بعد توقف استمر لشهرين في الاستجابة لمطالب السلطات المحلية بهذا الشأن. وتأتي هذه الخطوة على بُعد ساعات فقط من الموعد المحدد لمثول الحكومة أمام المحكمة العليا، التي أمرت بتقديم تقرير مفصل حول تدبير هذا الملف الإنساني الحساس.
ويهدف البروتوكول الجديد إلى تخفيف العبء المتزايد على مراكز الإيواء في الأرخبيل، والتي وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى وسط تزايد مستمر في أعداد القاصرين الوافدين عبر قوارب الهجرة غير النظامية، خاصة من دول إفريقيا جنوب الصحراء والمغرب.
وفيما اعتبرت الحكومة المركزية أن البروتوكول يُعدّ “مبادرة تعاون بين المؤسسات”، عبّرت حكومة جزر الكناري عن امتعاضها من ما وصفته بـ”القرار الأحادي الجانب”، مؤكدة أن هذه الخطوة جاءت دون تنسيق مسبق، ودون تلبية حقيقية لمطالبها السابقة بتحمّل الدولة مسؤولية متساوية ومنصفة في توزيع هؤلاء القاصرين بين الأقاليم الإسبانية كافة.
وقال المتحدث باسم حكومة الجزر في بيان رسمي: “نرحّب بأي تحرّك يخفف الضغط عنا، لكننا نرفض الإجراءات الأحادية التي لا تستند إلى مقاربة تشاركية عادلة. يجب على الدولة أن تتحمّل مسؤولياتها الدستورية في حماية الطفولة والمساواة بين الجهات”.
وتأتي هذه التطورات في سياق ضغوط متزايدة من منظمات حقوقية ومن وسائل الإعلام، التي سلّطت الضوء على الأوضاع الصعبة التي يعيشها القاصرون في مراكز الإيواء، خصوصًا في ظل نقص الموارد البشرية واللوجستية، وغياب برامج إدماج فعالة على المدى المتوسط.
كما وجّهت المحكمة العليا، في وقت سابق، إنذارًا إلى الحكومة المركزية بشأن “تقصيرها في تنفيذ التزاماتها القانونية والإنسانية تجاه القاصرين المهاجرين”، مطالبةً بتقارير دورية حول الإجراءات المُتخذة، ما شكّل عنصر ضغط رئيسي دفع مدريد إلى التحرك.
ويرى مراقبون أن هذه الأزمة المتكررة تسلّط الضوء على الحاجة الملحة إلى إصلاح شامل لسياسة الدولة في ما يتعلق باستقبال وتوزيع المهاجرين، وخاصة القاصرين غير المصحوبين بذويهم. ويطالب خبراء بضرورة إشراك الجهات المحلية في صياغة السياسات، وتعزيز قدراتها المالية والتقنية لمواجهة التحديات المتزايدة.
وفي ظل التوتر القائم بين الحكومة المركزية وسلطات جزر الكناري، يبقى مصير القاصرين رهن تطورات الأيام المقبلة، وما إذا كانت الخطوة الحكومية الحالية ستتبعها آليات فعالة لضمان حقوق هؤلاء الأطفال، والوفاء بالمعايير الأوروبية والإنسانية في التعامل مع قضايا اللجوء والهجرة.
29/05/2025