في خطوة وُصفت بالتحول الاستراتيجي اللافت، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن خطة طموحة لتشييد منظومة دفاعية فضائية أطلق عليها اسم “القبة الذهبية”، بكلفة تُقدّر بـ175 مليار دولار.
تهدف هذه المنظومة إلى حماية التراب الأمريكي من التهديدات المتطورة، وعلى رأسها الصواريخ فرط الصوتية والأسلحة المنطلقة من الفضاء. ويعتمد النظام الجديد على شبكة دفاع متعددة الطبقات، تشمل آلاف الأقمار الصناعية مزودة بتقنيات استشعار واعتراض متقدمة، من بينها أشعة ليزر قادرة على مواجهة التهديدات منذ لحظة انطلاقها.
لكن خبراء الأمن والدفاع، وعلى رأسهم جوليا كورنيور من معهد “تشاتام هاوس”، يحذرون من أن المشروع الأمريكي، بعيدًا عن تعزيز الأمن القومي، قد يشكل عامل زعزعة للاستقرار الدولي، ويعيد إشعال سباق التسلح بين القوى الكبرى. فخصوم واشنطن، من قبيل الصين وروسيا، يعتبرون أن منظومة دفاع قادرة على تحييد الردع النووي تشكل تهديدًا مباشرًا لتوازن الردع العالمي، وقد يدفعهم ذلك إلى تطوير ترسانات هجومية أكثر تطورًا أو الدفع نحو عسكرة الفضاء. وتضاعف المخاوف ما أظهرته التقديرات من أن الجانب الفضائي وحده من المشروع قد يكلف أكثر من 500 مليار دولار خلال عقدين، في وقت تفتقر فيه الولايات المتحدة بعدُ إلى بعض التقنيات الحيوية اللازمة لتحقيق هذه الرؤية.
ومع تعثر اتفاقيات الحد من التسلح، خاصة بعد تعليق معاهدة “ستارت الجديدة”، وتجميد الحوار مع الصين، ترى كورنيور أن مشروع القبة الذهبية ينبغي أن يُستثمر كرافعة لإطلاق مفاوضات دولية جديدة بشأن أمن الفضاء، بدل أن يكون وقودًا لموجة تسلح جديدة. وتشير إلى أن الحوار حول تقنيات الفضاء ذات الاستخدام المزدوج، وآليات تبادل المعلومات حول عمليات إطلاق الأقمار الصناعية، يمكن أن يشكّل مدخلاً لبناء الثقة، والحد من مخاطر التصعيد غير المقصود. وتخلص إلى أن تكرار أخطاء الماضي، كما حدث في تجربة “حرب النجوم” في الثمانينات، سيجعل العالم أكثر انقسامًا وخطورة بدل أن يوفر له مظلة أمان حقيقية.
29/05/2025