kawalisrif@hotmail.com

القطاع غير المهيكل بالمغرب.. نمو متزايد وتحديات جوهرية أمام الإدماج الاقتصادي

القطاع غير المهيكل بالمغرب.. نمو متزايد وتحديات جوهرية أمام الإدماج الاقتصادي

أصدر المندوبية السامية للتخطيط بحثاً وطنياً موسعاً حول الوحدات الإنتاجية غير المهيكلة خلال الفترة من أبريل 2023 إلى مارس 2024، جاء ليحدث نقلة نوعية في فهم خصائص هذا القطاع الحيوي وكيفية دمجه في الاقتصاد الوطني. وشمل البحث عينة تمثيلية من 12,391 وحدة إنتاجية غير منظمة، معتمداً على معايير دقيقة لاستبعاد الأنشطة غير القانونية أو المحظورة، ما يعكس الاقتصاد غير المرصود بشكل دقيق. وأكد الخبراء أن القطاع يشهد توسعاً عددياً ملحوظاً لكنه يواجه إشكاليات هيكلية، حيث تراجع إسهامه في الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي من 15% سنة 2014 إلى 10.9% سنة 2023، رغم ارتفاع حجم معاملاته، ما يشير إلى تحديات في دمج هذه الوحدات ضمن الاقتصاد الرسمي وتحقيق نمو مستدام.

من جهته، أبرز المحلل الاقتصادي محمد عادل إيشو أن التجارة لا تزال النشاط الرئيسي في القطاع غير المنظم بنسبة 47%، إلا أن الخدمات باتت تحظى بحضور متزايد يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك بالوسط الحضري. كما سجل تحسناً في المستوى التعليمي لأرباب هذه الوحدات، مع انخفاض نسبة الأميين وارتفاع نسبة الحاصلين على التعليم الثانوي، إلا أن المشاركة النسائية في الإدارة تراجعت، فيما ارتفع متوسط عمر الفاعلين إلى 45 سنة، ما يعكس محدودية التجديد الديموغرافي. وأشار إيشو إلى أن التمويل يمثل إحدى أبرز العراقيل، حيث تعتمد غالبية الوحدات على التمويل الذاتي مع محدودية اللجوء إلى القروض البنكية، ما يبرز الحاجة إلى سياسات مالية مرنة تتناسب مع خصوصيات القطاع. كما لفت إلى مؤشرات إيجابية تتمثل في تزايد التفاعل التجاري مع القطاع المنظم والوعي المتنامي بأهمية التنظيم، خصوصاً بين الوحدات ذات المحلات المهنية، مما قد يمهد الطريق لإدماج تدريجي أكثر فعالية.

أما من منظور السياسات العمومية، فقد أكد المحلل خالد حمص أن الاقتصاد غير المهيكل ظاهرة عالمية تتفاوت نسبتها حسب المستوى التنموي للدول، مشيراً إلى تفضيل بعض المقاولين المغاربة العمل في هذا القطاع لتجنب الضرائب وتقليل التكاليف. وأشار إلى تصنيف المغرب ضمن الدول متوسطة الحجم في هذا المجال مقارنة بدول مثل الهند وبنغلاديش، مع تقدير الجهود الحكومية الرامية إلى تحويل القطاع غير المهيكل إلى مهيكل عبر دعم ضريبي وتسهيلات للمقاولين. وأضاف أن تحقيق التوازن بين الضغط على الإدماج الاقتصادي وتجنب التوترات الاجتماعية يشكل تحدياً أساسياً، لافتاً إلى مبادرات وطنية عدة لتعزيز دمج المقاولين، فضلاً عن جهود وزارة المالية لتعزيز المحاسبة والانتقال نحو اقتصاد مهيكل متوازن يضمن استدامة النمو الاقتصادي والاجتماعي.

29/05/2025

Related Posts