دفعت السلطات الموريتانية خلال الأيام الأخيرة بتعزيزات عسكرية جديدة إلى الشريط الحدودي الشمالي الشرقي المحاذي لولاية تندوف الجزائرية، في خطوة تعكس تصاعد الاهتمام الرسمي بتأمين واحدة من أكثر المناطق الجغرافية حساسية في البلاد. هذا التحرك الميداني أعاد تسليط الضوء على التوازنات الأمنية الدقيقة في محيط حدودي تشترك فيه عوامل جيو-سياسية معقدة، لا سيما مع قربه من معاقل جبهة البوليساريو وتقاطعه مع ممرات الجماعات المسلحة الناشطة في منطقة الساحل.
وفي أول رد رسمي، أكد الناطق باسم الحكومة الموريتانية، الحسين ولد أمدو، أن السيادة الوطنية تشمل كامل التراب الموريتاني دون استثناء، نافيا بشكل قاطع أي حديث عن تنازل نواكشوط عن أراضٍ في تلك المناطق، واصفا ذلك بأنه مجرد “تقديرات سياسية لا تستند إلى معطيات ميدانية”. جاءت تصريحاته خلال ندوة صحافية أعقبت اجتماع مجلس الوزراء، دون أن يصدر أي توضيح من الجهات العسكرية بشأن طبيعة الانتشار الجديد أو أهدافه العملياتية.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات تندرج ضمن سياق إقليمي يشهد تحولات متسارعة، خصوصًا مع انسحاب قوات بعثة الأمم المتحدة من مالي، وتزايد الضغوط الأمنية على الحدود المشتركة بين دول الساحل. ويُرجّح أن تسعى موريتانيا من خلال هذا الانتشار إلى تأكيد حضورها الميداني في المناطق الاستراتيجية وتحصين حدودها من أي اختراقات محتملة، في وقت تتبنى فيه نواكشوط سياسة متزنة ترمي إلى الابتعاد عن التجاذبات الإقليمية، مع تعزيز قدراتها الدفاعية استعدادا لأي تغيّرات مفاجئة في خارطة الأمن الإقليمي.
29/05/2025