في تطور دراماتيكي يعكس اشتداد التوترات بين باريس ودوائر القرار في الجزائر، كشفت صحيفة L’Express أن فرنسا تمضي قدمًا نحو تفعيل أحد أقسى خياراتها للرد على ما وصفته بـ”التحرشات الدبلوماسية” القادمة من ضفة المتوسط الجنوبية.
فقد وضعت السلطات الفرنسية، وفق الصحيفة، لائحة أولية تضم عشرين مسؤولًا جزائريًا رفيعًا، من بينهم جنرالات نافذون، ووزراء ، وضباط استخبارات، ورجال أعمال متنفذون، تم إدراجهم ضمن قائمة سوداء مرشحة لتجميد أصولهم وممتلكاتهم داخل التراب الفرنسي. خطوة تعتبر بمثابة ضربة تحت الحزام للنظام العسكري الذي يقبض على أنفاس الجزائر منذ عقود.
الرد الفرنسي لم يأتِ من فراغ. بل ينخرط ضمن سلسلة إجراءات تصعيدية بدأ التخطيط لها منذ يناير 2025، حين لوّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو باتخاذ تدابير فردية ضد شخصيات جزائرية، احتجاجًا على رفض الجزائر استقبال المرحّلين من أراضي الجمهورية.
اللائحة التي تتداولها وزارتا الداخلية والاقتصاد الفرنسية في سرية تامة، تطال حسب الصحيفة أسماء مقربة من رأس هرم النظام: الجنرال سعيد شنقريحة، الحاكم الفعلي للبلاد، ورجالاته المقربين من محيط الرئيس “الواجهوي” عبد المجيد تبون، الذي ما زال يُتهم بلعب دور الواجهة السياسية لنظام عسكري يرفض الانصياع لمطالب شعبية بدولة مدنية.
ورغم أن القرار لم يُفعل بعد، إلا أن القلق ينهش كبار مسؤولي النظام الجزائري الذين يملكون شققًا فارهة، حسابات مصرفية ضخمة، واستثمارات عقارية تمتد من باريس إلى نيس، وسط معلومات تفيد بأن أكثر من 800 من نخبة الجزائر يحتفظون بمصالح مالية ومصادر ثراء مشبوهة في فرنسا.
ويأتي هذا التصعيد في سياق سياسي مشحون، حيث لم تهدأ بعد عاصفة الغضب الجزائري بعد إعلان فرنسا، صيف 2024، اعترافها الصريح بمغربية الصحراء. هذا الاعتراف فجّر عاصفة لدى “الكابرانات”، تُوجت باعتقال الروائي الفرنكفوني بوعالم صنصال يوم 16 نونبر الماضي، في خطوة انتقامية وصفها مراقبون بـ”العدوان على رمزية الثقافة الحرة”.
الرسالة الفرنسية واضحة: لن يُسمح بعد اليوم للنظام الجزائري بأن يمارس ازدواجيته بين الاستفادة من امتيازات باريس وشن الهجمات السياسية ضدها.
29/05/2025
