كشفت تسريبات حصلت عليها “كواليس الريف” عن معطيات مثيرة تضمنتها تقارير افتحاص دقيقة أنجزها قضاة المجالس الجهوية للحسابات بكل من جهات الدار البيضاء-سطات، مراكش-آسفي، وبني ملال-خنيفرة، همّت عشرات الصفقات الجماعية في عدد من الجماعات الحضرية والقروية. ووفقاً للمصادر ذاتها، فقد وقفت لجان التفتيش على وجود شبهات قوية تحيط بطريقة تفويت هذه الصفقات، من بينها استعمال دفاتر تحملات مصاغة بعناية لخدمة مقاولات معينة، ما يشير إلى علاقات شخصية ومحاباة أثارت حفيظة المنافسين وأفضت إلى تقديم شكايات لدى هيئات رقابية مختلفة.
وأكدت المصادر أن قضاة المجالس الجهوية أرفقوا تقاريرهم بجملة من الوثائق التي خضعت لفحص دقيق، وتبين من خلالها وجود شبهات حول إقصاء منهجي لمقاولات صغيرة ومتوسطة، بفعل شروط تقنية تعجيزية ومفصلة على مقاس مقاولات “محظوظة”. هذه الأخيرة نجحت في الظفر بعدد كبير من الصفقات على مدى سنوات في جماعات محددة، خاصة تلك المرتبطة بأشغال البنية التحتية كالمسالك القروية، وشبكات الماء، والمستوصفات، ومدارس التعليم الأولي، ما يرجح احتمال وجود تواطؤات وتسهيلات ممنوحة من طرف مسؤولين محليين.
وامتدت عملية الافتحاص إلى جماعات سبق أن تم عزل رؤسائها بقرارات قضائية، أو وُجهت إليهم متابعات أمام محاكم الجرائم المالية، استناداً إلى تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية. ولفتت المصادر إلى أن الضغوط التي عرفتها مناقشات قانون المالية الحالي داخل البرلمان، دفعت إلى المطالبة بمراجعة التشريعات المنظمة للصفقات العمومية، خصوصاً ما يتعلق بسندات الطلب، بعد تبين هيمنة كبار المزودين ومنافستهم للمشاريع الصغيرة عبر شركات تابعة. كما رصد التدقيق بنوداً تقنية غير مبررة، لا تتوفر إلا لدى عدد محدود من الشركات، في تكرار أثار تساؤلات عن شفافية منظومة تدبير المال العام على مستوى الجماعات.
29/05/2025