في قلب محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تواصل غرفة الجنايات الاستئنافية ، يومه الجمعة ، شدّ الأنفاس بجلساتها المتوالية في واحدة من أخطر القضايا التي شغلت الرأي العام المغربي، والمعروفة إعلاميًا بملف “إسكوبار الصحراء”، والذي يتابع فيه عدد من المتهمين البارزين، وعلى رأسهم القياديان السابقان في حزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي.
وخلال جلسة مشحونة بالتفاصيل الدقيقة والتوترات الحادة، وجّه الوكيل العام للملك وابلًا من الأسئلة للمتهم سعيد الناصيري، ركز فيها على ظروف وتاريخ تملكه لفيلا فاخرة بحي كاليفورنيا الراقي في الدار البيضاء.
ردّ الناصري، بثقة لافتة، أن عقد التملك الرسمي مؤرخ بتاريخ 14 يوليوز 2019، إلا أن الوكيل لم يكتفِ بالإجابة الورقية، وفتح صفحة الاتفاق الشفهي الذي سبق التوثيق، ليسأل عن تفاصيله الدقيقة. عندها كشف الناصري أن الاتفاق تم في أواخر 2017 داخل أحد النوادي، بحضور شهود بارزين، منهم الغازي، مدير نادي الوداد، والكاتبة مها، التي تكفلت بتحرير الاتفاق … كما أكد أن المير بلقاسم، المالك الأصلي، سلّمه مفتاح الفيلا ووثائق الماء والكهرباء مقابل 600 مليون سنتيم، تم تسليمها أمام الحاضرين.
النيابة العامة استمرت في الضغط، وطلبت من كاتب الضبط تلاوة أقوال الناصيري المتعلقة بولوجه الفيلا، قبل أن تطرح عليه سؤالًا مفاجئًا: “من كان بداخلها آنذاك؟ وهل كانت تتوفر على الماء والكهرباء؟” فردّ الناصيري بنبرة حاسمة أن الفيلا كانت لا تزال تحت تصرف المير بلقاسم، وأنها كانت تفتقر لخدمات الماء والكهرباء، مؤكدًا أن المير أعطى شركة “برادو” إذن استعمالها منذ سنة 2017.
لكن التوتر بلغ ذروته حين ثارت هيئة دفاع الناصري، معترضين على ما وصفوه بـ”التكرار المريب” للأسئلة، مؤكدين أن موكلهم سبق أن أجاب عنها في جلسات سابقة، ومشككين في نوايا النيابة العامة بقولهم إن “إعادة طرح نفس الأسئلة تحمل نية مبيتة”.
ردّ المحكمة جاء صارمًا، إذ دعت إلى ضبط النفس واحترام الجلسة، وقالت بنبرة لم تخف حدتها: “واش خفتو المحكمة توصل للحقيقة؟”، لتشتعل الأجواء مجددًا، ويعلو صوت الغضب داخل القاعة.
الدفاع لم يصمت، وردّ: “نحن لا نخاف من الحقيقة، لكننا نرفض أسلوب الاستفزاز”، مستنكرين طريقة مخاطبة النيابة لهم بعبارة “اسمع السي الدفاع”، ومذكّرين المحكمة بـالمنشور الملكي الذي ينص على احترام صفة “الأستاذ” عند مخاطبة هيئة الدفاع.
الجلسة انتهت، لكن أسئلتها المعلّقة لا تزال تبحث عن إجابات… فهل تكشف الأيام القادمة الحقيقة كاملة، أم أن خيوط “إسكوبار الصحراء” لا تزال تخفي ما هو أخطر؟
30/05/2025