في مسرحية عبثية لا تنتهي، يواصل سعيد النعيمي الملقب ب “ميستر غايت” – ذاك الشاوش وغسال الخيول ، والذي اكتسب شهرة لا تُحسد عليها بولعه الغريب بلعق الصحون والأحذية على حد سواء – عروضه اليومية داخل أروقة فندق ميركور الريف بالناظور، مُؤديًا دور خادم السلطة بإتقانٍ يُحسد عليه، حتى ليُخيَّل للمرء أن من لم يحظَ بخدمة بلاط الحكم، فليتدرّب في أجنحة فندق من فئة خمس نجوم !
الجديد في هذه المهزلة المتواصلة أن المدير الجهوي لمجموعة “أكور” قد حطّ الرحال بالمؤسسة بأمر من الإدارة المركزية، إثر مقالات “كواليس الريف”، ليُعدّ تقريرًا استعجاليًا عن الوضع الكارثي، متفحّصًا ملفات “ميستر غايت” بتمعّن، رفقة مدير الفندق ، السيد زكي، الرجل الذي لطالما ضُرب به المثل في النزاهة والانضباط، قبل أن يجد نفسه – ويا للأسف – وسط دوّامة من الهزل والابتذال، أبطالها مهووسون بالوجاهة الزائفة، ومقامرون لا يعرفون الاتجاهات داخل فندق ميركور الناظور.
تحقيق “كواليس الريف”، الذي فضح ملفات فساد وفضائح أخلاقية انبعثت من تحت رماد الصمت، جاء كصفعة ثقيلة على وجه أحد الوافدين الجدد إلى الناظور، ممن ظنّ – في لحظة تضخّم للذات – أن المدينة ستُفرش له الورود لمجرد أنه قادم من “مملكة العلاقات الخاصة”.
لكن العبث بلغ ذروته صباح أمس الخميس، حين أطلق “الفاعل” المذكور العنان للسانه، مطلقًا أوصافًا نابية في حق أبناء المدينة من “حراس الأمن”، في مشهد جسّد الغرور والعجرفة بأبهى صورهما. غير أن السيد زكي، الذي يعرف متى يصمت ومتى يرد، لم يتردّد في تلقين هذا “النرجسي المرتبك” درسًا في الكرامة والاحترام، فكان الردّ قاسيًا، مسح به الأرض – وإن مجازيًا – ما دفعه إلى لملمة ما تبقّى من أوراقه، وحزم “بردعته” في صمتٍ مريب، هاربًا من مواجهة ليس فقط الواقع، بل أيضًا الدائنين الذين يلاحقونه كظله، فيما تدخلت الشركة المكلّفة بالحراسة على عجل للاحتجاج لدى المدير زكي.
وفي مشهد جانبي لا يخلو من دراما مضحكة، تلقّى «المدير زكي» – حارس عرين ميركور الريف – صفعة جديدة حين سقط في فخ “التوقيع الفخري” ضمن كشوفات مجموعة “أكور”، بينما كانت شباكه تُستباح تباعًا بأهداف نيران صديقة. والمثير للسخرية أن مُول هذه الفعلة ليس سوى «ميستر غايت» نفسه، بائع المقابلات المتجوّل، الذي يبدو أنه اختلط عليه الأمر بين تسيير شؤون الفندق وبيع تذاكر مهرجان الهزل اليومي.
هكذا تحوّل فندق ميركور من فضاءٍ للراحة والرفاهية إلى مسرحٍ يوميّ لفضائح تتوالى، وسيناريوهات عبثية يكتبها أشباه رجال لا يملكون من المهنية سوى الأزياء الرسمية.
فهل نكون اليوم أمام المشهد الأخير من عرض “ميستر غايت”؟ أم أن الناظور على موعد مع موسمٍ جديد من مسلسل لم يطلبه أحد، ولا يرغب في متابعته أحد، لكن بطله يُصرّ على البقاء في الأضواء، حتى لو تطلّب الأمر الرقص فوق جثة سمعته؟
في كل الأحوال، نوصي السادة النزلاء بإحضار الفشار… فما زال العرض مستمرًا!
30/05/2025