في معطيات حصرية توصلت بها جريدة “كواليس الريف”، تتكشف خيوط فضيحة مدوية تهدد بتقويض مصداقية مشاريع البنية التحتية في إقليم الناظور، حيث طالت خروقات جسيمة مشروع تثنية الطريق الوطنية رقم 16، وتحديدًا على المقطع الرابط بين المدار الحضري “تاويمة” وجماعة إعزانن، في قلب منطقة استراتيجية تُعد بوابة للربط اللوجستيكي الكبير بميناء الناظور غرب المتوسط.
المثير في القضية أن المشروع تشرف عليه شركة يملكها عبد النبي بعيوي، رئيس جهة الشرق المعتقل حاليًا في سياق التحقيقات الجارية بخصوص ملف التهريب الدولي للمخدرات المعروف إعلاميًا بـ”إسكوبار الصحراء”.
تفيد المعلومات التي حصلت عليها الجريدة أن مسار الطريق تم تحويله عن التصميم الأصلي المصادق عليه في وثائق التهيئة، في خرق صريح للقوانين التنظيمية والتخطيطية. المفاجأة الصادمة تمثلت في بناء محطة بنزين ومقهى على قطعة أرض مخصصة أصلًا لإنجاز خط السكة الحديدية الذي سيمر بجماعة بني سيدال الجبل نحو ميناء الناظور غرب المتوسط، المشروع الحيوي الذي تراهن عليه الدولة لإعادة هيكلة البنية التحتية المينائية في المنطقة.
الأخطر أن المكتب الوطني للسكك الحديدية سبق أن وجّه التصاميم إلى الجهات المختصة، ما يعني أن هذه المنشآت أقيمت بعلم ومعرفة مسبقة بخرق القانون.
ولم يتوقف العبث عند هذا الحد، إذ رُصد تغيير غير مرخص في موقع المسجد الذي كان مبرمجًا في التصميم الأصلي، حيث نُقل إلى موقع مخالف تمامًا، وتم تشييده فوق الطريق، في خطوة وصفها مصدر مطلع بأنها محاولة مكشوفة للتحايل على قرارات الهدم المحتملة عبر إضفاء طابع ديني على المنشأة لتفادي المساءلة.
ومن بين أبرز مظاهر الخرق، أن المشروع لم يخضع لمسطرة نزع الملكية بشكل قانوني وعادل كما حدث مع العائلات المجاورة، بل تم تجاهل تام للمسطرة الإدارية، دون إصدار أي قرار هدم في حق المخالفات القائمة، وهو ما يعزز بشكل مقلق فرضية وجود تواطؤ إداري واستغلال للنفوذ، يضرب في العمق مفاهيم الحكامة الجيدة والنزاهة المفترضة في تدبير المشاريع العمومية.
الوقائع المتواترة تضع الجهات المعنية ، تحت مجهر المساءلة، وتطرح أسئلة جدية حول طبيعة العلاقة بين المشرفين على المشروع وعدد من المسؤولين المحليين الذين يُشتبه في تسهيلهم لهذا المسار غير القانوني.
وفي انتظار تحرك عاجل من الجهات الوصية لفتح تحقيق معمق، يبقى الخوف الأكبر هو أن تُجهض هذه الخروقات مشروعًا استراتيجيًا كان من الممكن أن يُحدث نقلة نوعية في البنية التحتية للمنطقة، ويعيد تموقع الناظور في الخارطة الاقتصادية الوطنية.