كما جرت العادة كل موسم، توافد مئات الحجاج المغاربة من مدينة مليلية المحتلة على المقر المعتاد بشارع الحسن الثاني بالناظور ، استعدادًا لأداء مناسك الحج، في إطار المبادرة الملكية السامية التي دأب عليها أمير المؤمنين، الملك محمد السادس نصره الله، والتي تُجسد حرصه على رعاية رعاياه في الثغور المحتلة.
ورغم الطابع الروحي والإنساني لهذه المبادرة، فإن هذا الموسم لم يخلُ من الجدل، بعدما تسربت تسجيلات ومعلومات موثقة تُشير إلى وجود شبهات في تدبير لائحة المستفيدين، وحديث عن “إتاوات” مالية ومحاباة في اختيار الحجاج، ما أثار موجة غضب في أوساط مغاربة مليلية السليبة.
وتوجهت أصابع الاتهام مجددًا إلى عمر الفونتي، الملقب بـ”دودوح”، العامل السابق الملحق بوزارة الداخلية، الذي ما يزال يُمسك بخيوط التنظيم منذ أواخر الثمانينيات، حين كان رمزًا للحراك الاجتماعي في مليلية المحتلة، مدافعًا عن حقوق الساكنة في التعليم والسكن والتوظيف.
غير أن “دودوح”، الذي أشعل شرارة النضال في الماضي، يبدو أنه بات يُشعل اليوم نار الأسئلة المحرجة، خصوصًا مع تراكم ديون المختبرات الطبية المكلفة بالتحاليل (مختبر المحطة نموذجًا)، والتي امتنعت عن تقديم خدماتها بسبب عدم التوصل بمستحقاتها منذ سنوات، بينما لم يُكشف عن مصير الأموال التي تُجمع سنويًا تحت ذريعة تنظيم “رحلة العمر”.
ورغم توجيه شكاوى عديدة من مواطنين يرون في “الحج” وسيلة للتقرب إلى الله، لا للحصول على تأشيرة أو مكافأة انتخابية، فإن الجهات الوصية لم تُبدِ أي رد فعل رسمي، وكأن ملف حج مغاربة مليلية محكوم عليه أن يُركن في خانة “التقديس المؤقت”.
وفي الذكرى السابعة والثلاثين لانطلاق هذه المبادرة، يواصل المواطنون بمليلية توجيه رسائل شكر وامتنان للملك محمد السادس، مُعربين عن تقديرهم لما يوليه لهم من عناية. أما عن “الحاج دودوح”، فربما آن له أن يطوف قليلاً… ليس حول الكعبة، بل حول أسئلة الرأي العام الغاضب، بحثًا عن إجابات لا تُكتب في لوائح المستفيدين، بل في دفاتر الحسابات.
ويُقال – والعهدة على الراوي – إن بعض الحجاج الجدد لم يجدوا فرقًا كبيرًا بين “السعي بين الصفا والمروة” و”السعي بين باب دودوح ومختبر التحاليل”… سوى أن الثاني أطول، وأغلى، وبدون موعد محدد!