kawalisrif@hotmail.com

في نسختها الثامنة والثلاثين… قافلة الحج “المجانية” تغادر مليلية وسط ادعاءات صحفية “متحمّسة” وحقائق مغيّبة

في نسختها الثامنة والثلاثين… قافلة الحج “المجانية” تغادر مليلية وسط ادعاءات صحفية “متحمّسة” وحقائق مغيّبة

غادر المئات من المغاربة المقيمين بمدينة مليلية المحتلة، صباح الجمعة 30 ماي 2025، نحو الديار المقدسة لأداء فريضة الحج، في إطار قافلة إنسانية تنظَّم للسنة الـ38 على التوالي. المبادرة، التي باتت تقليدًا راسخًا، تمضي في صمت ووقار، رغم محاولات بعض المنابر الصحفية الإسبانية إلباسها رداء البطولة الفردية والكرم “الأسطوري” لشخص واحد فقط.

فبحسب الصحافة المحلية في مليلية، فإن الفضل كلّه – بل حصرًا – يعود لعمر ددّوح الفونتي، الذي صُوِّر كأنه “وليّ الأمر” الوحيد القادر على نقل مئات الحجاج سنويًا بجهد شخصي خالص منذ سنة 1987، دون أن يأتي أحد على ذكر الدور المركزي لرعاية أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس، الذي يتكفّل بهذه الرحلة الإيمانية في إطار عنايته الدائمة برعاياه في الثغرين المحتلين.

وبينما يُحتفى بالرجل حدّ التقديس، تُهمس في الزوايا الخلفية بتسريبات عن “رشاوى” تُقدَّم لضمان حجز مقعد في القافلة، دون أن تحرّك وسائل الإعلام الإسبانية ساكنًا، مفضّلة أن تبقى في دائرة “التعتيم الانتقائي” الذي يجعل من بعض القصص الشخصية أساطير تُروى، بينما تُطمس الحقائق المزعجة التي لا تنسجم مع السردية الرسمية.

وقد افتتح الحجاج يومهم برفع الدعاء في مسجد التسرِّيّو، قبل أن ينطلقوا في موكب إلى منزل ددّوح بشارع الجنرال أيسبورو، حيث استُقبلوا بحفاوة احتفالية لا تقل رمزية عن حفلات الزفاف المغربية. هناك، وزّعت التمور والحليب في طقوس أقرب إلى “الاستعراض الروحي” منها إلى التوديع المتواضع، في مشهد وجد فيه الإعلام المحلي فرصة أخرى لتكريس صورة الرجل الذي يصنع المعجزات وحده.

الرحلة واصلت مسارها إلى الناظور ثم إلى الرباط، قبل الإقلاع إلى جدة، ومنها إلى مكة، في مسار تنظيمي محكم لا يمكن لعقل ساذج أن يصدّق أنه ثمرة مجهود شخصي متواصل منذ الثمانينات… دون دعم رسمي، مؤسساتي، ولوجستي من الدولة المغربية.

الطريف أن الإعلام الإسباني، الذي يتفنن في انتقاد مظاهر الدين إذا صدرت من “الآخرين”، لم يجد أي حرج في تمجيد هذه المبادرة الدينية ما دامت تُصوّر على أنها عمل فردي، مستقل عن أي سلطة مغربية. وكأن التضامن الإسلامي مباح فقط عندما لا يحمل بصمة المغرب، ولا يهدّد “هالة السيادة” المزعومة في الثغرين.

وفي النهاية، وبينما يودّع أهالي مليلية أبناءهم بأجواء مؤثرة، تستمر القافلة في أداء مهمّتها النبيلة، ويستمر الإعلام الإسباني في كتابة الرواية التي تناسبه، متجاهلًا أن التاريخ لا يُكتَب بالحبر وحده، بل بالحقيقة، مهما حاول البعض طمسها تحت رداء المجاملة.

01/06/2025

Related Posts