الناظور – كواليس الريف :
تشهد شركة “مارتشكا ميد”، المكلفة بمشاريع تنموية كبرى في الناظور، حالة احتقان غير مسبوقة، بسبب ما يصفه موظفوها وأطرها بـ”التسيير الفوضوي والسلطوي”، الذي يطبع عهد المدير العام للشركة غانيمي، الملقب داخل المؤسسة بـ”المدير الشبح”.
وحسب مصادر مطلعة، فإن غانيمي يدير شؤون الشركة من مكتبه في الرباط، دون حضور ميداني أو تواصل مباشر مع الأطر المحلية، مكتفيًا بإرسال تعليمات إلكترونية “جافة ومبهمة”، بلغة سلطوية فوقية تعكس قطيعة تامة مع واقع العمل اليومي ومشاكل المستخدمين. هذا الأسلوب زاد من تأجيج الإحباط داخل المؤسسة، ورسّخ شعورًا واسعًا بالإقصاء والتهميش.
في ظل هذا الغياب، برز اسم “زنفور”، الذي يُعدّ اليد اليمنى للمدير، كمُشرف فعلي على الموظفين، حيث يتولى مراقبة أوقات العمل، وتحرير تقارير سرية، وجمع الوشايات ضد زملائه، مقابل أجر شهري ضخم يناهز 39 ألف درهم. الدور الذي يضطلع به هذا الأخير وصفه موظفون غاضبون بـ”المخبر الإداري”، في مشهد يُجسّد أبشع مظاهر الحكامة الرديئة وتغوّل سلطة الرقابة الكيدية.
الأوضاع داخل الشركة ، التابعة لوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، زادت تأزّمًا مع ظهور مؤشرات خطيرة على تفشي التحرش الإداري والنفسي، عبر تهديدات مبطّنة باقتطاعات من الأجور أو الحرمان من المكافآت السنوية، ضد كل من يطالب بالإنصاف أو يُعبّر عن رأيه … وتحمّل شهادات متعددة المسؤولية المباشرة في هذه الانتهاكات لكل من المدير غانيمي، و”المديرة الزائرة” لبنى بوطالب، التي اتُّهمت بدورها بتكريس سياسة الترهيب، وتحويل الشركة إلى شبه “إقطاعية إدارية”.
وتأتي هذه الممارسات بالتوازي مع إطلاق ما يُسمى بـ”عملية إعادة الهيكلة”، التي يرى فيها موظفو الشركة مجرّد واجهة لإقصاء الكفاءات المحلية، وفسح المجال أمام تعيينات محسوبة على “أصدقاء المركز” في الرباط. التعيينات المرتقبة، بحسب مصادر داخلية، ليست سوى محاولة لإعادة ترتيب النفوذ، وتبرير الغياب الدائم للمسؤولين، في وقت تتصاعد فيه التجاوزات الإدارية والمالية إلى مستويات تنذر بالكارثة.
الخطير أن هذا المسار لا يهدد فقط تماسك الشركة، بل يُفقدها بوصلتها التنموية، حيث تحوّلت “مارتشكا ميد”، عوض أن تكون محركًا للتنمية في الناظور، إلى نموذج صارخ لتغوّل السلطة والفساد المغلف بالشرعية الإدارية.
وأمام هذا الوضع القاتم، ترتفع اليوم الأصوات داخل الشركة وخارجها مطالبة بتدخل عاجل من الجهات الوصية، لفتح تحقيق نزيه وشفاف في شبهات الفساد والتسيير العشوائي، وإنقاذ ما تبقى من كرامة الموظف، وصونًا للمال العام الذي يُستنزف في صمت، وسط غياب المساءلة ، وكذلك الشأن للصفقات التي تمنح لذوي للمعارف والراشين ، دون المرور عبر المساطر القانونية المعمول بها.
04/06/2025