سبتة المحتلة… رحلة الحج السياسية إلى الثغور السليبة مستمربعد أن زار مليلية السليبة، يومه الأربعاء، قرر زعيم الحزب الشعبي الإسباني، ألبرتو نونيز فيخو، أن يحط بسبتة المحتلة يوم الإثنين القادم، حيث سيُعقد “لقاءً روحانيًا” في فندق بارادور لا مورايا، مع من تبقى من أنصاره المحليين.
بحسب ما نشره فرع الحزب في سبتة، فإن هذه “الزيارة المباركة” ستُخصص لـ”الحوار حول مستقبل الأمة” — ذلك المستقبل الذي يبدو أنه لا يكتمل إلا على أطلال الثغور المغربية المحتلة. الموعد مُحدد على الساعة السادسة والربع مساءً، في أجواء احتفالية تعكس “الاهتمام العميق” الذي يكنّه فيخو لمدينة لم يُعرف عنها سوى كونها ورقة ضغط سياسية حين تحين الحاجة.
ولم تُفوت قيادة الحزب الفرصة لتصوير الحدث على أنه “فرصة عظيمة لتبادل الأفكار وبناء مستقبل مشرق تسوده القيم”، دون أن يُحددوا ما إذا كانت هذه القيم تشم احترام السيادة أو الكف عن استغلال المدن المحتلة في حسابات انتخابية ضيقة.
ما يُثير الانتباه — أو السخرية — أن هذه الزيارة تأتي بعد يوم واحد فقط من مظاهرة دعا لها الحزب في مدريد، والتي وُصفت بأنها رد على “عملية دنيئة تُحاك داخل أروقة فيراث ضد القضاء والصحافة من أجل حماية سانشيز ومن معه من فضائح الفساد”، على حد تعبير الحزب.
فيخو، في خُطبة نارية كعادته، لم يفوّت فرصة تقديم نفسه كمنقذ الدولة من “الانحلال الأخلاقي والمؤسساتي”، في حين يتنقل شخصيًا بين مدينتين محتلتين، وكأن الاستعمار الحديث جزء من ترسانة “القيم” التي يبشر بها.
ويبدو أن سبتة السليبة لن تسلم من جدل آخر، إذ سيُطرح على طاولة اللقاء موضوع القاصرين المهاجرين، حيث تعيش المدينة حالة من الاكتظاظ الخانق في مراكز الإيواء، في حين أن قيادة الحزب في مدريد تُعارض تعديل قانون الهجرة الذي من شأنه تخفيف العبء على سبتة وجزر الكناري.
المفارقة أن ممثل المدينة، أليخاندرو راميريث، أعرب عن خيبة أمله من “انعدام التضامن” من باقي الأقاليم — التي يُسيّر معظمها الحزب الشعبي نفسه! — في تقاسم المسؤولية، وهو ما يُبرز مرة أخرى الانفصام بين الخطاب والممارسة داخل الحزب.
لا شك أن زيارة فيخو إلى سبتة، تحت شعار “الالتزام بالمستقبل”، ما هي إلا فصل جديد من فصول التناقض السياسي، حيث يُخلط بين الدفاع عن القانون وخرق السيادة، وبين التبشير بالقيم واستغلال مدن تحت الاحتلال. ولكن، لعلها مجرد حلقة جديدة من “رحلة الحج” الانتخابية إلى الثغور المحتلة… فمن يدري، لعل طنجة ستكون المحطة القادمة !
04/06/2025