أصدرت المحكمة الإقليمية في قادس – فرع سبتة المحتلة، حكمًا نهائيًا يقضي بالسجن والغرامة على ثلاثة أشخاص، بينهم امرأتان، بعد إدانتهم بمحاولة تهريب ست نساء مغربيات إلى الجزيرة الخضراء عبر قارب مطاطي انطلق من سواحل سبتة، باستعمال بطائق تعريف إسبانية مزورة.
وتعود وقائع القضية إلى مساء يوم 5 يناير 2021، تزامنًا مع احتفالات عيد الملوك، حين رصدت وحدة البحرية التابعة للحرس المدني الإسباني قاربًا صغيرًا منطلقًا من سواحل “بنزو” في سبتة، وعلى متنه ست نساء مغربيات، تبين لاحقًا أنهن يحملن بطائق هوية إسبانية تعود لأشخاص آخرين، في محاولة للتمويه وتفادي المراقبة الأمنية.
وحاول قائد القارب، وهو مهاجر مغربي مقيم بمدينة الجزيرة الخضراء، الفرار من مطاردة الحرس المدني عبر زيادة السرعة، غير أن السلطات تمكنت من توقيفه قبل وصوله إلى الشاطئ الإسباني. وقد أسفرت المطاردة عن إصابة إحدى الراكبات بجروح استدعت تدخل طاقم الصليب الأحمر لتقديم الإسعافات الأولية.
التحقيقات كشفت أن كل امرأة من الضحايا دفعت ما يصل إلى 5000 يورو مقابل محاولة العبور غير النظامي، وهو ما يعكس مدى استغلال هشاشة النساء الراغبات في الهجرة من طرف شبكات التهريب.
باشرت وحدة الشرطة القضائية بالحرس المدني التحقيق في القضية فور توقيف القارب، حيث اعتُقل قائد القارب في اليوم نفسه. وكشفت التحريات لاحقًا عن هوية شخص آخر تولى نقل النساء إلى الميناء الرياضي في سبتة، حيث تم تسليمهن البطاقات المزورة. وقد خضع هذا الشخص للتحقيق دون أن يُحال على المحكمة، ما يشير إلى احتمال ارتباطه بشبكة أكبر لا تزال قيد المتابعة.
في الجلسة التي عقدت يوم الثلاثاء، اعترف المتهمون الثلاثة – رجل وامرأتان، الأخيرتان كانتا ضمن راكبات القارب – بالتهم المنسوبة إليهم، ما سمح بتطبيق مسطرة “الاعتراف مقابل تخفيف العقوبة”، وتفادي مسار محاكمة مطولة.
واعتبرت المحكمة عامل تأخر الإجراءات القضائية ظرفًا مخففًا، لكنها شددت في حيثيات الحكم على أن محاولة التهريب عرّضت حياة النساء لخطر حقيقي، وهو ما يضرب في صميم احترام حقوق الإنسان.
وقضت المحكمة بسجن المرأتين (64 و34 عامًا) لمدة ستة أشهر لكل واحدة، مع تعليق تنفيذ العقوبة لمدة سنتين بشرط عدم العود، بالإضافة إلى أداء غرامة مالية لمدة ثلاثة أشهر بمعدل 3 يورو يوميًا.
أما قائد القارب، فصدر في حقه حكم بالسجن لمدة سنتين بتهمة المساس بحقوق المواطنين الأجانب، مع تعليق التنفيذ لمدة ثلاث سنوات، مع مصادرة القارب المستخدم باعتباره أداة لارتكاب الجريمة.
تُسلط هذه القضية الضوء على تعقيد ظاهرة الهجرة غير النظامية عبر مضيق جبل طارق، لا سيما في ظل تزايد نشاط الشبكات التي تستغل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمهاجرات، مقابل مبالغ مالية باهظة.
وتبرز هذه الأحكام القضائية كرسالة واضحة من السلطات الإسبانية للتصدي لهذه الممارسات، من خلال ملاحقة المتورطين وتطبيق القانون، بما يعزز من جهود مكافحة الاتجار بالبشر ويضمن احترام الضوابط القانونية المتعلقة بالهجرة.
04/06/2025