توتّر داخل حزب الاستقلال: غياب ولد الرشيد يكشف عمق الخلافات والأزمات المالية

انعقدت، يوم أمس الثلاثاء بالرباط، جلسة اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال برئاسة الأمين العام نزار بركة، بحضور عدد من الأعضاء لمناقشة تطورات القضية الوطنية، اجتماع رئاسة الأغلبية، والحصيلة البرلمانية. لكن اللافت في الاجتماع كان الغياب الكامل لتيار حمدي ولد الرشيد، أحد أبرز الأجنحة داخل الحزب، ما يعكس عمق التوتر والانقسامات التي تتصاعد بين قيادات الحزب، خاصة في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعصف به، والتضييق على ولد الرشيد الذي يعد من أهم داعمي الحزب مالياً. وفي الوقت ذاته، يبدو أن بركة يعتمد على حضور محدود من شخصيات ذات تأثير متواضع، مثل عبد الجبار الراشدي، الذي يشغل منصباً حكومياً شكلياً ويتولى دور “الحارس الأخلاقي” لوزيرة الأسرة والتضامن التي لم تصدر عنها مواقف حاسمة تجاه القضايا المطروحة.

وفي سياق متصل، كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن اختلالات مالية وإدارية جسيمة داخل الحزب، أبرزها عدم تسجيل مبلغ 14.16 مليون درهم كدعم عمومي يجب إرجاعه للخزينة، رغم أنه مخصص للحملات الانتخابية لسنة 2021. كما رصد التقرير تحويل أكثر من 4.8 مليون درهم للمفتشيات دون توثيق مالي واضح، وصرف 1.8 مليون درهم كأجور وتعويضات بدون عقود رسمية، بالإضافة إلى ديون مالية تصل إلى 9.6 مليون درهم دون تحديد أسماء الدائنين، ونفقات انتخابية بقيمة 9.21 مليون درهم بلا وثائق إثبات، إلى جانب إنفاق خارج الآجال القانونية. أما ملف العقارات، فالتقرير أشار إلى وجود غموض واضح، مع تسجيل العديد من الأملاك باسم أشخاص آخرين وعدم تقييمها بالقيمة الحقيقية في الحسابات.

يتجلى واقع حزب الاستقلال اليوم في مأزق مزدوج؛ فهو يواجه أزمة مالية تعيق قدرته على تمويل نشاطاته وحملاته الانتخابية المقبلة، مع بقاء الديون والمبالغ المستحقة للدولة غير مسددة سوى جزئياً، بالإضافة إلى خلافات سياسية حادة مع شركائه في الأغلبية تعكر صفو التحالفات، فضلاً عن انقسامات تنظيمية حادة بين تيار ولد الرشيد وفريق بركة. هذا الوضع المعقد يطرح تساؤلات جدية حول قدرة الحزب على تجاوز أزماته والاحتفاظ بمكانته السياسية في الانتخابات المقبلة، خاصة إذا لم يتمكن بركة من إعادة ترتيب البيت الداخلي وحشد الدعم المالي الضروري.