kawalisrif@hotmail.com

احتفال يوم القوات المسلحة في سبتة المحتلة يكشف واقعًا مريرًا للجنود الإسبان … ويفضح مفارقة الاحتلال

احتفال يوم القوات المسلحة في سبتة المحتلة يكشف واقعًا مريرًا للجنود الإسبان … ويفضح مفارقة الاحتلال

في الوقت الذي تصدح فيه الموسيقى العسكرية وتُرفع الأعلام بفخر في شوارع مدينة سبتة المغربية المحتلة، احتفالًا بما تسميه إسبانيا “يوم القوات المسلحة”، يُفضّل الجنود الإسبان – أو على الأقل ممثلوهم في رابطة ATME – استخدام هذه المناسبة لتسليط الضوء على مشهد آخر… مشهد لا يُعرض على شاشات التلفاز ولا يحظى بتغطية إعلامية ملونة: الإهمال المزمن والتهميش المؤسساتي الذي يعانيه أفراد الجيش الإسباني أنفسهم.

الحكومة الإسبانية – كعادتها في مواسم الاحتفالات – لا تبخل بالتصريحات الرنانة، وتَعِد برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج الداخلي بحلول 2025، أي ما يعادل 10.4 مليار يورو إضافية. ولكن، وفقًا لـATME، فإن هذه الأرقام تبدو أشبه بـ”عروض الألعاب النارية”: تُبهر للحظة ثم تتلاشى دون أثر ملموس على حياة الجنود.

فقط 35% من هذه المليارات موجه لتحسين ظروف العمل، أما الباقي؟ فمصيره في طيّات “الغموض المقصود” كما تصفه الرابطة، خصوصًا مبلغ الـ368 مليون يورو الذي يُفترض أنه مخصص لزيادة الرواتب… مبلغ يبدو أنه قرر أداء الخدمة العسكرية في خزانة مغلقة بدلًا من حسابات الجنود.

رغم المخاطر اليومية التي يواجهها الجنود الإسبان، لا تزال مهنة الجندي خارج تصنيف المهن الخطرة، في وقت تنعم فيه الشرطة والحرس المدني بمزايا تقاعدية وسن قانونية أفضل. أما الجنود الذين تجاوزوا سن الخامسة والأربعين؟ فليستعدوا لمغادرة المؤسسة العسكرية بلا تكريم، وكأن سنوات الخدمة لم تكن سوى تدريب للحياة المدنية القاسية.

بعيدًا عن تفاصيل التهميش، يطفو سؤال سيادي لا يمكن تجاهله: بأي شرعية يحتفل الجيش الإسباني على أرضٍ مغربية تحتلها؟ إن اختيار مدينة سبتة، التي تُطالب بها المملكة المغربية كجزء لا يتجزأ من ترابها الوطني، ليكون مسرحًا لاحتفالات عسكرية إسبانية، يكشف عن مفارقة عميقة: جيش يحتفل على أرض ليست له، بينما يعاني أفراده من التهميش داخل بلاده.

رسالة الاحتفال في سبتة مزدوجة؛ فهي من جهة محاولة لترسيخ “الرمزية السيادية” الإسبانية على المدينة، لكنها من جهة أخرى، تكشف ضعف تلك السيادة، حين يُظهر ممثلو الجيش أنفسهم هشاشة الوضع الداخلي: جنود بلا حقوق، ميزانيات غير شفافة، ومؤسسة عسكرية تعاني التآكل من الداخل.

من منظور مغربي، هذه الاستعراضات لا تعكس قوة سيادة حقيقية، بل تكشف عمق الإرباك السياسي الإسباني في ملف سبتة ومليلية. فبدلًا من الانخراط في حوار مسؤول مع المغرب حول مستقبل المدينتين المحتلتين، تُراهن مدريد على رسائل رمزية احتفالية، تُخفي أزمة داخلية متفاقمة في مؤسستها العسكرية.

في النهاية، قد لا يحصل الجندي الإسباني على أجر كريم أو اعتراف بمخاطر مهنته، وقد لا تعترف حكومته حتى بمعاناة من يحمون علمها… تمامًا كما تتجاهل إسبانيا، منذ عقود، صوتًا مغربيًا صلبًا يطالب بإنهاء الاحتلال.

فهل الكرامة الغائبة عن الجندي، هي ذاتها الكرامة الغائبة عن السياسات الإسبانية في تعاطيها مع ملف سبتة ومليلية؟

06/06/2025

Related Posts