في إطار تحرك استراتيجي مهم، أعلن الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي، عن نية الولايات المتحدة نقل مقر القيادة من مدينة شتوتغارت الألمانية إلى القنيطرة بالمملكة المغربية، التي وصفها بأنها “الشريك الأكثر موثوقية في القارة الأفريقية”. يأتي هذا الإعلان ضمن مساعي واشنطن لإعادة ترتيب أولوياتها وتعزيز حضورها العسكري والاقتصادي في منطقة الساحل الأفريقي، حيث تراجع نفوذها خلال السنوات الأخيرة لصالح تصاعد النفوذ الروسي.
وعلى الرغم من التكاليف المالية الكبيرة التي تنطوي عليها هذه الخطوة، أكد الجنرال لانغلي أن الانتقال سيُسهم في تسهيل إدارة العمليات العسكرية وتفعيل الموارد المخصصة لأفريكوم. كما أشاد بدور المغرب الحيوي في حفظ الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، وبمساندته للجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب. وجرت هذه التصريحات خلال جلسة استماع استمرت لأكثر من ساعتين، حضرها كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين في وزارة الدفاع الأمريكية، من بينهم قائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا، وكاثرين طومسون، وكيلة وزارة الدفاع لشؤون الأمن الدولي.
ويُعد هذا القرار تتويجاً لسنوات من المداولات التي انطلقت منذ عهد الرئيس دونالد ترامب، حيث طرح الجنرال لانغلي مراراً فكرة نقل المقر إلى المغرب، تقديراً للتعاون العسكري والتنسيق الوثيق بين واشنطن والرباط. وقد فُضلت الرباط على بدائل أخرى مثل قاعدة روتا الإسبانية .
ويحمل هذا النقل أبعاداً استراتيجية بالغة، إذ يعكس التزام الولايات المتحدة بتعزيز شراكتها مع المغرب، الذي يشكل حجر الزاوية في جهود الاستقرار بمنطقة الساحل، التي تشهد موجات متصاعدة من الإرهاب. كما يمثل هذا القرار رد فعل عملي على التهديدات التي تمثلها الدول والجماعات الراعية للإرهاب في المنطقة، لا سيما جبهة البوليساريو التي ربطتها تقارير استخباراتية ألمانية بعدة تنظيمات إرهابية.
وعلى صعيد قيادة أفريكوم، تشهد القيادة تحولات ملحوظة، أبرزها تعيين الجنرال ديفيد أندرسون من سلاح الجو لأول مرة على رأس القيادة، بالإضافة إلى تعيين الجنرال براد كوبر رئيساً لقيادة العمليات المركزية، ما يعكس أهمية متزايدة لهذه القيادة ضمن أولويات السياسة الدفاعية الأمريكية.
وبرغم الجدل الدائر حول موقع مقر أفريكوم خارج القارة منذ تأسيسها عام 2007، والذي رُجع إلى اعتبارات أمنية وسياسية عقب مقتل أربعة جنود أمريكيين في النيجر أثناء مهمة مكافحة الإرهاب، إلا أن تزايد التعقيدات الأمنية في أفريقيا يتطلب وجوداً ميدانياً أكثر قرباً، وهو ما يجعل من المغرب نقطة ارتكاز جديدة لتعزيز جهود واشنطن في المنطقة.
12/06/2025