لم تعد مدينة الحسيمة وجهة سياحية على الصعيدين الوطني والدولي فحسب، بل أصبحت تحتل المرتبة الأولى وطنياً من حيث ارتفاع الأسعار، خاصة خلال فصل الصيف، حيث يتوافد على المدينة مئات السياح، بمن فيهم القادمون من خارج البلاد. هذا الوضع يشكل حالة استثنائية غير مسبوقة، تدفع بالسياح إلى مغادرة المدينة قبل انتهاء برنامجهم السياحي، والتوجه إلى مدن مجاورة مثل الناظور، كابو دي أوا، والسعيدية شرقاً، أو الجبهة، تطوان، شفشاون، وطنجة غرباً، حيث تكون الأسعار أقل ارتفاعاً.
والمثير للاستغراب أن مدينة الحسيمة، التي تُلقب بـ”جوهرة البحر الأبيض المتوسط”، لا تحمل من صفات الجوهرة سوى الاسم؛ فارتفاع الأسعار بشكل مفرط يجعل من التجربة السياحية فيها ناقصة، لاسيما في ظل افتقارها إلى مطاعم عصرية تقدم وجبات متنوعة. فأغلب مطاعم المدينة تقتصر على الطراز الكلاسيكي وتقدم وجبات مثل الطاكوس، الهامبورغر، و”بوكاديوس شراذا”، وهو طبق تشتهر به الحسيمة.
ورغم كل ذلك، يبقى الغلاء سيد الموقف في هذه المدينة الصغيرة التي لا تضم سوى شارعين رئيسيين يكتظان خلال فصل الصيف.
ويبدو أن خطط السلطات المحلية في الحسيمة إما عاجزة عن إيجاد حلول لمعضلة ارتفاع الأسعار، أو أنها غير مهتمة بتنمية النشاط السياحي، الذي يتطلب تضافر جهود السلطات المحلية والمركزية لمعالجة الإشكاليات التي تعيق تطوره، خدمةً للسياح، وليس العكس.
لكن ما يحدث في الحسيمة يعكس الواقع المعاكس تماماً؛ فمثلاً، سعر قنينة الماء في المدينة يبلغ ضعف سعرها في الناظور والمدن المجاورة. بل وحتى مدن معروفة أكثر بالسياحة، مثل تطوان وشفشاون، تشهد أسعاراً أقل، ما يفسر الإقبال السياحي المستمر عليها طوال العام.
12/06/2025