السعيدية اليوم لم تعد كما كانت في الماضي. لقد أصبحت تُقدَّر بالذهب، وأضحى ترابها أغلى من أي تراب آخر في البلاد. في هذه المدينة، يمكن أن يحدث أي شيء من أجل الأرض.
بدأت شبكات الاستيلاء على العقارات من قِبل منعشين عقاريين نشاطها منذ سنوات، واستمرت في التوسع إلى اليوم. غير أن العقد الأخير شهد ظهور مافيات منظمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، هدفها نهب أكبر مساحة ممكنة من أراضي المدينة، سواء لإقامة مشاريع سكنية وسياحية بمباركة بعض المنتخبين، أو لتفويتها إلى جهات أخرى.
وهكذا، أصبحت السعيدية تعيش حمى حقيقية في مجال العقار، إلى درجة بات فيها القانون عاجزًا عن التدخل لوقف ما يجري.
تتشابه طرق الاستيلاء على أراضي المدينة. فبداية العملية تشبه التحضير لمعركة: يصل المحتالون إلى بقعة أرضية معينة، يختبرون الأوضاع، ويبحثون عن مالكي الأرض. وحين يتأكدون أن الأرض موروثة أبًا عن جد، وأن الورثة لا يملكون وثائق رسمية تثبت الملكية، أو أنهم غائبون، أو أن الأرض جماعية أو عليها تعرضات أو نزاعات، يشرعون في تنفيذ خطتهم فورًا.
ومن هناك، تتنوع الوسائل والأساليب بحسب الإمكانيات المتاحة للمنعشين العقاريين، وكثير منهم متورطون أيضًا في التهرب الضريبي.
وفي هذا السياق، أكد أبناء مدينة السعيدية المقيمون في ديار المهجر، في تصريحات لجريدة كواليس الريف، أنهم وجهوا مراسلة إلى الديوان الملكي، بسبب الأزمة الحقيقية التي باتت تواجهها المدينة جراء أنشطة بعض المنعشين العقاريين، الذين يعملون على استنزاف مواردها وتدمير هويتها التاريخية والثقافية.
ومن بين الأمثلة الصارخة على هذا الوضع، المؤسسة التعليمية التي كانت تُعدّ إعدادية بجوار مخيم التنس، والتي يُخطَّط اليوم لتفويتها وتحويلها إلى فندق من فئة أربعة نجوم .
13/06/2025