أثار قرار إسناد استغلال الخط البحري الرابط بين ميناء طنجة المدينة وميناء طريفة لشركة “بالياريا” الإسبانية موجة من الانتقادات، بسبب ارتفاع غير مبرر في أسعار التذاكر وتراجع جودة الخدمات، وذلك في ظل انخفاض مستمر في أسعار الوقود على الصعيد العالمي.
واعتبرت شريحة واسعة من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، إلى جانب مهنيين في قطاع النقل البحري، أن احتكار شركة أجنبية لهذا الخط الحيوي يهمش الشركات الوطنية ويضعف فرص المنافسة العادلة. كما عبروا عن استيائهم من استبعاد الشركة المغربية “أنترشيبينغ”، التي توقفت عن الخدمة بعد سنوات من النشاط، بدعوى مشاكل تقنية وتأخر في تجديد الأسطول، دون منحها فرصة لإصلاح الوضع أو فتح قنوات للحوار.
ورغم الوعود التي أطلقتها “بالياريا” عند دخولها السوق المغربي، من حيث تقديم خدمات عصرية ومستدامة باستخدام بواخر كهربائية، تفاجأ المسافرون بأوضاع مغايرة. فقد طالت الشكاوى تأخر الرحلات، وتدهور حالة السفن، إلى جانب سوء الخدمات، حيث أصبحت مدة الرحلة تصل إلى ساعة، بعدما كانت تستغرق 35 دقيقة فقط.
في الوقت ذاته، لاحظ مراقبون غياب أي انعكاس لتراجع أسعار المحروقات على أثمنة التذاكر، ما زاد من غضب المسافرين، خاصة داخل أوساط الجالية التي تعتمد على هذا الخط بشكل دوري. وقد أثار هذا الوضع تدخلًا برلمانيا، حيث وجه النائب إدريس ساور المنصوري سؤالًا كتابيًا إلى وزير النقل واللوجستيك، استفسر فيه عن أسباب “الارتفاع المهول” في أسعار التذاكر، مشيرًا إلى أن “بالياريا” رفعت أسعارها مقارنة بالشركة المغربية AML، التي تواجه بحسب معطيات متداولة عراقيل تمنعها من تقديم عروض تنافسية.
وتعالت الأصوات المحذّرة من آثار هيمنة الشركات الأجنبية على سوق النقل البحري، خاصة في ظل الغياب الملحوظ للفاعلين المغاربة. ويرى مهتمون أن هذا الوضع قد يؤثر سلبًا على جاذبية الموانئ الوطنية، ويُضعف من تنافسية المغرب، لاسيما في أفق استحقاقات دولية كبرى، من قبيل تنظيم كأس العالم 2030.
ورغم تصاعد الانتقادات وتزايد شكايات المسافرين، لم تُسجل أية خطوات ملموسة من طرف هيئة ميناء طنجة المدينة، مما يطرح تساؤلات حول دورها الرقابي ومدى التزام الشركات المفوض لها بتطبيق دفاتر التحملات.
في خضم هذا الجدل، دعا عدد من المهنيين والخبراء الاقتصاديين إلى مراجعة شاملة لطريقة تدبير هذا القطاع، من خلال تعزيز حضور الشركات المغربية وتشجيعها على ولوج سوق النقل البحري، بما يحقق التنافسية ويخدم مصلحة المسافر والاقتصاد الوطني على حد سواء .
13/06/2025