في مشهد جديد من مسلسل الشدّ والجذب بين الجزائر وباريس، تشهد الساحة السياسية الفرنسية تصعيدًا غير مسبوق، مع استعداد حزب “النهضة” بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون لتفجير قنبلة سياسية: إلغاء اتفاقية الهجرة التاريخية مع الجزائر، الموقعة عام 1968.
السبب؟ وفقًا لنواب الأغلبية في البرلمان ، الاتفاقية باتت “بلا معنى”، وعبئًا اقتصاديًا ثقيلًا على كاهل الدولة الفرنسية. التقرير المرتقب يُتوقع أن يسلّط الضوء على “امتيازات غير مبررة” يتمتع بها المهاجرون الجزائريون، تشمل تسهيلات في الإقامة والعمل، ولمّ الشمل، وحتى الضمان الاجتماعي.
لكن القصة أكبر من مجرد ورقة هجرة. فهذه الخطوة تأتي على وقع صعود ناري لليمين المتطرف في فرنسا، الذي يدفع بسياسات الهجرة نحو التشدد، ويضغط بقوة على الحكومة لوقف ما يعتبره “نزيفًا اقتصاديًا واجتماعيًا”. والنتيجة؟ حكومة ماكرون تجد نفسها أمام خيارين أحلاهما مرّ: الرضوخ لضغط الداخل، أو إشعال نار جديدة مع الجزائر.
وفي الخلفية، لا تزال الأزمة بين باريس والجزائر تتغذى على رواسب الماضي، وآخرها كان اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ما فجّر غضب الجزائر، حليفة جبهة البوليساريو، وأدخل العلاقات الثنائية في نفق مظلم. وقد ازدادت حدة التوتر بعد اعتقال الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال والحكم عليه بالسجن خمس سنوات، لتتوالى بعدها الإجراءات التصعيدية من طرد دبلوماسيين إلى قطيعة شبه معلنة.
المرحلة القادمة قد تكون الأعنف دبلوماسيًا منذ عقود، فهل تتجه العلاقة نحو قطيعة شاملة؟ أم أن السياسة ستجد مخرجًا، كما اعتادت دائمًا، من بين أنقاض الخلافات؟
15/06/2025