تتواصل فصول محاكمة مثيرة أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الثلاثاء، حيث يواجه عدد من المتهمين ملفات ثقيلة تتعلق باختلالات مالية وتدبيرية عاصفة، ارتُكبت خلال فترة تولي الوزير السابق محمد مبديع رئاسة المجلس الجماعي لمدينة الفقيه بن صالح.
وفي جلسة مثيرة، استُدعي حميد لبراش، رئيس المصلحة التقنية السابق، ليواجه وابلًا من الأسئلة الحادة حول صفقات عمومية تحوم حولها شبهات فساد، وسط توتر واضح وهيئة دفاع تترقب كل كلمة بدقة.
القاضي لم يضِع وقتًا، وسارع إلى فتح ملفات حساسة، بدءًا بصفقة غامضة طلب توضيحات بشأنها، متسائلًا عن أسماء التقنيين المتابعين للأشغال، خصوصًا من يُعرفون بـ”تطهورت” و”سيف الدين”، مستفسرًا عن دور لبراش في تتبع تلك المشاريع، وتوقيعه على الكشوفات التقنية.
ومع عرض تصريحات سابقة أدلى بها أمام الفرقة الوطنية، والتي أقر فيها بعدم توقيعه على بعض الوثائق، حاول لبراش التملّص قائلاً: “أنا كنت أراقب فقط، والتتبع اليومي كان من مسؤولية تقنيين آخرين”.
لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد.
القاضي واجه المتهم بكشف الحساب رقم 6 الخاص بالتسليم المؤقت لأشغال أنجزت في يوليوز 2019، وأشار إلى عيوب خطيرة ظهرت لاحقًا، أبرزها تشققات وخلل في البالوعات، مما أثار تساؤلات حول مصداقية التسليم. لبراش حاول الدفاع عن نفسه مؤكداً أن الإصلاحات أُنجزت، وأن المحضر النهائي وُقّع بعد الترميم.
وفي سياق التحقيقات، ظهرت شكاوى مواطنين تتهم مكتب الدراسات بإنجاز دراسة ناقصة لصفقة أخرى، لكن لبراش نفى ذلك بشدة، قائلاً: “الدراسة كانت جيدة، ولا وجود لتقصير”.
المفاجآت توالت.
القاضي كشف عن تغير مريب في الثمن الأحادي مقارنة بالكلفة الأصلية، ما عزاه لبراش إلى تعديلات على برنامج الأشغال داخل بعض الأزقة، مؤكدًا أن لجنة ميدانية عاينت كل شيء. ومع ذلك، اعترف بوجود أخطاء في الأسعار، لكنه قال إنها “لم تُنفّذ فعليًا”.
اللافت أيضًا، ما تم كشفه بشأن مشروع التأهيل الحضري الذي نفذته شركة “أفير”، حيث أصر المتهم على عدم وجود فرق في الأسعار بين التقديرات والتنفيذ. غير أن تقريرًا صادرًا عن المفتشية العامة للإدارة الترابية نسف هذا الادعاء، كاشفًا عن تفاوتات واضحة في صفقة أُسندت مباشرة لشركة “أفريدي” دون أي منافسة.
ورغم محاولاته تبرير الوضع بأن الأثمنة “متقاربة” وأن مكتب الدراسات هو من أعدّها، لم يُخفِ المتهم أن اللجنة غالبًا ما تختار العرض الأرخص، لا الأفضل.
17/06/2025