في خطوة تُظهر حجم القلق داخل هرم السلطة الإيرانية، كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، أمر بتسريع عملية اختيار خليفته، تحسّبًا لأي محاولة لاغتياله، قد تنفذها الولايات المتحدة أو إسرائيل، في ظل التصعيد الإقليمي المتفاقم.
وبحسب ذات التقرير، فإن خامنئي – البالغ من العمر 85 عامًا – وجّه مجلس خبراء القيادة إلى الشروع العاجل في اختيار بديل له من بين ثلاثة أسماء مقترحة، في وقتٍ تُعدّ فيه هذه العملية من أدق وأبطأ المسارات في النظام الإيراني، وغالبًا ما تتم بسرّية تامة وتستغرق شهورًا أو حتى سنوات.
هذا التحرك يعكس، بحسب مراقبين، إدراك خامنئي لاحتمالات متزايدة لإزاحته بالقوة، أو على الأقل لخلخلة النظام عبر استهداف رأسه، ما استدعى اتخاذ خطوات وقائية غير معتادة من أبرزها قطع الاتصالات الإلكترونية، والاكتفاء بالتواصل عبر “مبعوث موثوق”، تفاديًا لأي اختراق خارجي قد يحدد مكانه.
رغم ما يُشاع منذ سنوات عن نية خامنئي توريث منصبه لنجله مجتبى، رجل الدين المقرب من الحرس الثوري، أكدت التسريبات أن اسمه لا يرد ضمن القائمة الرسمية التي اقترحها المرشد، والتي تشمل ثلاثة فقهاء بارزين داخل المؤسسة الدينية، ما يضع علامات استفهام حول مستقبل الدور السياسي لمجتبى، ومدى قبوله داخل حلقات الحكم المحافظة.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن المخاوف داخل طهران لا تنبع فقط من تهديدات خارجية مباشرة، بل من احتمال تسلل استخباراتي إسرائيلي إلى مفاصل الأجهزة الأمنية الإيرانية، وهو ما هزّ الثقة حتى داخل بيت النظام نفسه. وتُظهر الإجراءات الأخيرة التي أصدرتها وزارة الاستخبارات – وعلى رأسها حظر استخدام الهواتف المحمولة – حجم الهشاشة التي تشعر بها الدولة العميقة.
بل وتحدثت تقارير عن تواجد خامنئي في “مخبأ محصّن”، بينما وضع ترتيبات لقيادة عسكرية بديلة تحسّبًا لفقدان قادة الصف الأول، في ظل تسارع الأحداث على أكثر من جبهة.
رغم صمت طهران الرسمي حيال هذه الأنباء، إلا أن تسارع التطورات، وتزايد الحديث عن “المرحلة ما بعد خامنئي”، يكشف عن اهتزاز غير مسبوق داخل بنية الحكم في إيران. فبين الخشية من فراغ القيادة، وبين خطر تصفية القادة، تعيش الجمهورية الإسلامية على وقع لحظة استثنائية، يتداخل فيها الخطر الخارجي مع الشك الداخلي.
وإن كان الحسم النهائي في مصير خليفة خامنئي لم يتم بعد، إلا أن مجرد فتح باب الحديث رسميًا عن “البديل”، يُعدّ تحوّلًا لافتًا… وربما إعلانًا صامتًا عن بداية نهاية عهد الرجل الذي هيمن على الحياة السياسية الإيرانية لعقود.
21/06/2025