في خضم أجواء الصيف التي تشهد سنويًا تدفقًا كثيفًا لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج نحو أرض الوطن، عادت أسعار تذاكر الطيران لتثير من جديد موجة من الغضب والاستياء، بعد أن تفاجأ آلاف المغاربة بارتفاع صادم في أسعار الرحلات الجوية، خاصة عبر الخطوط الملكية المغربية، بالتزامن مع انطلاق عملية “مرحبا” السنوية لاستقبال مغاربة المهجر.
من الولايات المتحدة وكندا إلى أستراليا ودول الخليج، تقاطرت شكاوى أفراد الجالية الذين عبّروا في تدويناتهم على الفيسبوك عن صدمتهم إزاء ما وصفوه بـ”الأسعار الحارقة”، التي تجاوزت في بعض الأحيان قدرة العديد من الأسر المغربية على السفر، وحوّلت حلم قضاء عطلة الصيف وسط الأهل والأحباب إلى عبء مالي ثقيل أو إلى مجرد أمنية مؤجلة.
وأوضح الوزير أن هذه السياسة سمحت للمغرب بربط جوي متنوع مع أكثر من 50 شركة، لكن المنافسة في سوق محرر تعني أيضًا أن الحكومة لا تملك صلاحية فرض أسعار أو تحديد سقف معين لتذاكر السفر.
ودافع قيوح عن هذا التوجه، معتبرا أن العرض والطلب يظلان العامل الأساسي المحدد للأسعار، مؤكدًا أن من يحجز تذكرته في وقت مبكر يمكنه الاستفادة من عروض قد لا تتجاوز 200 درهم، بينما قد يصل السعر إلى آلاف الدراهم في فترات الذروة.
وأضاف أن شركات الطيران تعتمد أنظمة ديناميكية لتسعير التذاكر، حيث ترتفع الأسعار مع اقتراب موعد السفر وامتلاء الرحلات، داعيًا المسافرين، خاصة أفراد الجالية المغربية بالخارج، إلى تغيير ثقافة الحجز المتأخر، وتبني ممارسات سفر استباقية للظفر بعروض أقل تكلفة.
في المقابل، لم تقنع هذه التبريرات جزءًا كبيرًا من ممثلي الأمة، إذ شددت النائبة البرلمانية عن الفريق الحركي، فاطمة الكشوتي، على أن الارتفاع المهول في الأسعار يُقصي شريحة واسعة من أفراد الجالية، خاصة ذوي الدخل المتوسط والمحدود، الذين لم يعد في وسعهم زيارة وطنهم الأم سوى مرة واحدة في السنة، إن استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.
وأعادت الكشوتي التذكير بتصريحات سابقة لرئيس الحكومة، تعود إلى يناير 2025، تحدث فيها عن تذاكر تتراوح بين 300 و600 درهم، مما رفع حينها آمال المهاجرين بتحسين ظروف التنقل، لكنها أكدت أن الواقع الحالي يناقض تلك الوعود.
الوزير قيوح أصر في رده على أن تلك الأسعار لا تزال متوفرة، لكن فقط لمن يحسن تدبير توقيت الحجز، مضيفًا أن بعض الشركات، بما فيها الخطوط الملكية المغربية، توفر تذاكر بأسعار منخفضة جدًا خارج فترات الذروة.
مشيرًا إلى أن الأسعار المرتفعة هي نتيجة منطقية لتزايد الطلب خلال موسم الصيف، ولا تقتصر على الخطوط المغربية فقط، بل تشمل جميع الشركات التي تشتغل في السوق المغربية.
وفي ظل هذا الجدل، تبقى معاناة الجالية المغربية المقيمة بالخارج قائمة كلما حلّ موسم العودة إلى الوطن.
وفي انتظار حلول هيكلية أو آليات دعم ملموسة تسهم في تخفيف تكاليف السفر، يواصل الكثير من أفراد الجالية تأجيل زياراتهم أو البحث عن خيارات بديلة، في وقت تُطرح فيه أسئلة ملحة حول دور الحكومة في ضمان الحد الأدنى من العدالة في أسعار النقل الجوي، خاصة خلال فترات الذروة، حماية لحق آلاف الأسر المغربية في الحفاظ على صلة الرحم والهوية والانتماء.
كواليس الريف: متابعة
23/06/2025