تيفلت … أزمة عطش تتكرر للعام الثالث تواليا وسط صيف ملتهب وغياب للحلول

للسنة الثالثة على التوالي، تعيش مدينة تيفلت تحت وطأة أزمة حادة في التزود بالماء الصالح للشرب، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وغياب أي تدخل فعلي من الجهات المختصة. المشهد يتكرر كأن الزمن متوقف، بينما يزداد غضب السكان ومعاناتهم يوماً بعد يوم.

مركز عدالة لحقوق الإنسان أعرب عن قلقه الشديد إزاء هذا الوضع المزمن، واعتبر استمرار انقطاع الماء في المدينة خرقاً واضحاً للحق الدستوري في الماء، كما أنه انتهاك لقانون الماء رقم 15.36، وتجاهل صارخ للالتزامات الدولية التي صادق عليها المغرب.

في صيف 2025، عادت الأزمة إلى الواجهة، رغم التحذيرات البيئية السابقة التي نبهت إلى أن الوضع ليس عرضياً، بل نمطياً يتكرر كل عام دون حلول ملموسة. ففي صيف العام الماضي (2024)، كانت المدينة ضمن المناطق التي عرفت عطشاً شديداً، خصوصاً خلال شهري يونيو ويوليوز، وفترة عيد الأضحى التي شهدت ضغطاً استثنائياً على الطلب، ما أدى إلى انقطاعات مفاجئة ومتكررة، في غياب أي إشعار مسبق للسكان.

ورغم إعلان الحكومة عن مجموعة من التدابير الاستعجالية تحت التوجيهات الملكية، إلا أن الوضع في الميدان يعكس واقعاً مغايراً. فقد صادقت لجنة قيادة البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020-2027) على مشاريع بلغت كلفتها الإجمالية 3.04 مليار درهم، موزعة على ثلاث مراحل: 889 مليون درهم خلال 2023، و1.64 مليار درهم في 2024، ثم 513 مليون درهم بعد ذلك، دون أن يلمس المواطن أثراً فعلياً لهذه الجهود في حياته اليومية.

أمام هذا الوضع، جدد مركز عدالة دعوته للتحرك العاجل، مطالباً بفتح جلسات استماع علنية لتفسير أسباب الانقطاع المتكرر، ووضع خطة عاجلة للإصلاح، بالإضافة إلى إحداث نقاط توزيع مجانية للماء في الأحياء المتضررة، وتأهيل البنية التحتية وتعزيز الشفافية والمساءلة في تدبير الموارد المائية.

وأكد المركز دعمه الكامل للاحتجاجات الشعبية السلمية، مبرزاً أن “الماء حق إنساني لا يقبل التفاوض، ويجب أن يحتل الصدارة في السياسات العمومية”. كما شدد على ضرورة حماية المدافعين عن هذا الحق ومحاسبة الجهات المقصّرة.

وبالنظر إلى استمرار الأزمة صيفاً بعد آخر، يبدو أن الكثير من الوعود الحكومية ما زالت حبيسة الأوراق، بينما يظل العطش هو العنوان الأبرز لصيف تيفلت.