بقلم : محمد العرابي الرباط
في زمنٍ تُدار فيه بعض المؤسسات العمومية كما تُدار المقاهي الشعبية، خرج علينا مروان غانيمي، مدير شركة “مارتشيكا ميد”، الذراع التجاري لوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا بالناظور، ليؤكد مرّة أخرى أن موقع المسؤولية لدى البعض لا يعدو كونه منصّة للسب، ومكبّر صوت للأحقاد الشخصية.
في واحدة من خرجاته “الشفوية” المتكرّرة، جلس غنيمي بأريحية في أحد صالونات الرباط، مرة أخرى ، وغير آبهٍ لا بالأخلاق الإدارية ولا باللياقة اللفظية، وراح يقذف عامل إقليم الناظور، جمال الشعراني، بعبارات يخجل منها الذوق العام، بعد أن سبق له أن قدح فيه عرضا وطولا بمقهى “كوتشارا” بالرباط قبل أشهر ، واصفًا إيّاه بـ”كلام خطير جدا”، قبل أن يختم نوبته بنبوءة غرائزية قائلاً : “غادي يجمعو ….”. مشهد لا يليق لا بمدير مؤسسة، ولا بشخص يدّعي الانتماء إلى الدولة.
أما الخلفية؟ فبكل بساطة: العامل تجرّأ على أداء واجبه … تجرّأ على مراقبة تفاصيل المشاريع، وتتبع الصفقات، ومنع تحوّل “كعكة مارتشيكا” إلى مأدبة تُوزّع على المتنفّذين … فكان جزاؤه: السباب، والتشويه، ومحاولة تقديمه كعدو للمنظومة .
وفي الجانب الآخر من المشهد، تطلّ علينا “خالتي البايرة” لبنى بوطالب، المديرة الحالية لما يُسمى بـ”وكالة تهيئة البحيرة” الغارقة في التخبطات. وأمام النكسات المتتالية، علّق أحد ظرفاء الناظور على حالها قائلًا: “لا زين لا مجيّة بكري”، وهو مثل شعبي يُراد به: لا فائدة ولا زينة، لا طَعم ولا نَفع .… وكأن العلاقات التي كانت تُدار في الظلّ، تُصفّى اليوم في العلن.
هكذا، لم تعد مارتشيكا وكالةً تنموية، بل تحوّلت إلى مسرح للغرائز، وحلبة لتصفية الحسابات، ومكان تُدار فيه العلاقات الشخصية كما تُدار الصفقات: تحت الطاولة، وبكثير من الضجيج.
أما الناظوريون؟ فلا عزاء لهم سوى التفرّج على هذا المشهد من بعيد، وهم يتساءلون بمرارة :
متى تعود المؤسسات لتُدار بعقل الدولة لا بعقل المقهى؟
وفي خضمّ هذه “الملحمة الإدارية”، لا يسعنا إلا أن نرفع القبعة – أو على الأقل نصفها – لحارس عرين الناظور، عامل الإقليم جمال الشعراني، الذي ظلّ مرابطًا في موقعه، لا تهزّه الشتائم ولا تُربكه النبوءات السوقية. رجل لم يأتِ ليصفّق، بل ليُدقّق … لم يدخل ليأكل، بل ليحسب عدد الملاعق على المائدة.
24/06/2025