kawalisrif@hotmail.com

سعيد بنكراد: النخبة فقدت تأثيرها أمام “المؤثر” وعصر المجتمع السائل

سعيد بنكراد: النخبة فقدت تأثيرها أمام “المؤثر” وعصر المجتمع السائل

في مداخلة فكرية معمقة ألقاها ضمن ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني بالرباط بعنوان “النخبة المغربية في زمن التغيير: من صناعة القرار إلى أزمة التأثير”، تحدث المفكر والباحث سعيد بنكراد عن التحول العميق الذي طرأ على مفهوم النخبة بالمغرب والعالم، في ظل هيمنة الوسائط الرقمية وتلاشي الأسس التي بُني عليها مفهوم “الرأي العام” منذ القرن الثامن عشر. وأكد أن هذا الرأي العام الذي كان يرتكز على مجتمعات قارئة ومثقفة، حل محله “الرأي الفردي” الذي يتغذى على الانطباعات السريعة والأحكام المسبقة، وهو ما ساهمت في تكريسه شبكات التواصل الاجتماعي عبر تقويضها لكل آليات التفكير الجماعي العقلاني.

ويرى بنكراد أن هذه الشبكات الرقمية لعبت دوراً محورياً في تدمير اللغة الفكرية التي كانت تؤسس لمواقف سياسية واجتماعية واضحة، فتمت إزالة المفاهيم الثقيلة والدالة مثل “الطبقة” و”المناضل” و”النقابة”، واستُبدلت بمصطلحات أكثر حيادية أو تسويقية كـ”المتعاونين” و”الشركاء الاجتماعيين” و”العرض السياسي”. ويضيف أن هذا الانزياح اللغوي ليس بريئاً، بل يعكس انتقالاً إلى خطاب رأسمالي ناعم يسعى إلى ترويض المفاهيم وتفريغها من حمولتها النضالية، في محاولة لصناعة رأي استهلاكي لا يزعج السلطة ولا يهز الاستقرار الرمزي للمؤسسات.

كما توقف بنكراد عند ما اعتبره سقوطاً مدوّياً للمثقف من دائرة الفعل والتأثير، ليفسح المجال أمام ما يسمى بـ”المؤثر”، وهو مصطلح يرى فيه الباحث سيمياءً خطيرة تُبعد الفاعل عن أي التزام سياسي أو فكري. المؤثر، بحسبه، أصبح يحل محل المناضل، دون أن يُطرح تساؤل جوهري: بماذا يؤثر؟ وكيف؟ ولماذا؟ وفي ظل هذا التحول، باتت التجمعات الافتراضية تُبنى على منطق “العشيرة الرقمية” والانتماء العاطفي، لا على أسس فكرية أو نقدية. ويختم بنكراد مداخلته بإبراز التحول من “المثقف المنخرط” إلى “الخبير المحايد”، مشيراً إلى أن هذا الأخير يقدم معرفة تقنية معقمة من السياسة، غالباً ما تخدم ما تريده السلطة، في مقابل تراجع دور المثقف كفاعل نقدي ملتزم بقضايا مجتمعه.

25/06/2025

Related Posts