الحسيمة : كواليس الريف
في زاوية مظلمة من الإدارة المغربية، حيث يُفترض أن تُمنح المناصب بناءً على الكفاءة والاستحقاق، تتكشف اليوم قصة لافتة في مديرية الفلاحة بالحسيمة، بطلَتها ليست مديرة سابقة فقط، بل “ظاهرة إدارية” بامتياز.
هي امرأة أسرت الأنظار، ليس بسيرتها الذاتية، بل بجمالها اللافت وحضورها الساحر ، لدرجة قيل إن مسؤولًا ساميًا سابقًا في وزارة الفلاحة، الكاتب العام نفسه، وقع في فَخّ فِتنَتها، حد التورّط – حسب مصادر مطّلعة – في الدفع نحو تعيينها على رأس مديرية الحسيمة، رغم غياب التجربة الميدانية اللازمة.
عُيّنت المديرة الشابة في منصب حساس، وسط همس كثير من الألسن داخل الوزارة : هل نحن أمام نموذج للكفاءة الجديدة؟ أم أن سحر العيون بدأ يتسلل إلى دفاتر التعيينات؟
ولأن القصص الإدارية الجميلة غالبًا ما تخفي وجوهًا معتمة، لم تمضِ سنوات كثيرة حتى تفجّرت المفاجأة : المديرة وُقِّع قرار نقلها إلى طنجة، لكنها لم تُنفذ القرار. ببساطة، رفضت الالتحاق بمقر عملها الجديد، واختارت البقاء في الحسيمة، مقيمة في السكن الوظيفي، من دون مهام، ومن دون أي حسيب أو رقيب.
موظفة “شبح” بكامل الأناقة، لا تظهر في الإدارات، لكنها لا تغيب عن السجلات. لا تؤدي واجبًا، لكنها تحافظ على كل الامتيازات. مشهد يستفز مئات الموظفين ممن يكدّون يوميًا تحت ضغوط العمل والمراقبة ( مرة مرة كاتمشي لطنجة باش دير طلة على المديرية هناك ) .
من أين يأتي هذا الغطاء غير المرئي؟ هنا تعود الأحاديث عن والدتها، المناضلة في حزب سياسي له امتداد داخل الوزارة … لكن كثيرين يرون أن الغطاء الأهم لا يزال مستمدًا من تأثير “العلاقة الخاصة” التي جمعتها سابقًا بالكاتب العام السابق، والذي – بحسب مصادر من داخل الوزارة – لم يُخفِ إعجابه الكبير بها، ليس ككفاءة إدارية، بل كحضور آسر يصعب مقاومته.
في زمن يطالب فيه جلالة الملك محمد السادس ، بصرامة، بربط المسؤولية بالمحاسبة، تبدو هذه القصة وكأنها خارج السياق الوطني. فهل يُعقل أن يظل الحُسن وسيلة عبور في دهاليز الإدارة؟ وهل تستمر الوزارة في التزام الصمت أمام هذا الملف الذي أضحى حديث الشارع الحسيمي؟
إنه امتحان جديد لوزارة الفلاحة، ولبوصلة النزاهة الإدارية في المغرب. فإما أن يُطوى هذا الملف بتحقيق عادل وشجاع، وإما أن يظل شاهداً على زمن يتفوّق فيه الجمال… على العدالة.
26/06/2025