في زمن تتساقط فيه القنابل على رؤوس الأطفال في غزة، خرج علينا حاكم مدينة مليلية المغربية المحتلة، خوان خوسيه إمبرودا، ليدلي بتصريحات توصف بأنها “تعاطف مقيّد بشروط”، و”دبلوماسية انتقائية” لا تخفي انحيازًا مشفّرًا تحت عباءة الحياد الكاذب.
إمبرودا، الذي لا يُفوت فرصة للظهور بمظهر الحَكَم الأخلاقي، أعلن أن “ما يحدث في فلسطين أمر مؤلم للغاية”، قبل أن يسارع إلى سحب البساط من تحت أي نبرة تضامن، مذكّرًا بما سماه “أحداث مليلية” وتحديدًا محاولة إحراق كنيس يهودي قبل أشهر.
وبين “الألم الإنساني” و”الخوف المحلي”، بدا الرئيس منشغلًا أكثر بترميم صورة مدينته المحتلة أمام الرأي العام الإسباني، منه بحياة آلاف الضحايا الفلسطينيين. بل مضى أبعد من ذلك حين قال ببرود سياسي: “نريد دولتين، نريد أن تتوقف الحرب، نريد السلام والحرية”، ثم أردف بلهجة حاسمة أن هذه “صراعات خارجية” لا يجب نقلها إلى جلسات مجلس المدينة.
تصريحات تعكس بوضوح ازدواجية المعيار: فحين يتعلّق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي، تُرفع شعارات “السلام” و”الحرية”، لكن حين تُذكر فلسطين، تتحول القضية إلى “شأن خارجي” يُمنع تداوله في المؤسسات المحلية… وكأن مليلية ذاتها ليست استعمارًا قائمًا في حد ذاته!
أما عن مجلس المدينة، فربما يودّ الرئيس أن يقتصر جدول أعماله على “صباغة الأرصفة” و”تهنئة فرق كرة القدم”، بدلًا من مناقشة مأساة إنسانية تهزّ الضمير العالمي.
وفي انتظار أن يتحول الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي إلى مهرجان سياحي أو طبق في مطبخ محلي، لعلّ السيد إمبرودا يراه أخيرًا جديرًا بالإدراج في جدول أعماله النظيف من السياسة… والمزدحم بالنفاق.
27/06/2025