kawalisrif@hotmail.com

مليلية المحتلة تستقبل أول شحنة فواكه مغربية منذ 2018 … بوادر انفراج اقتصادي أم اختبار سياسي؟

مليلية المحتلة تستقبل أول شحنة فواكه مغربية منذ 2018 … بوادر انفراج اقتصادي أم اختبار سياسي؟

في مشهد لم تشهده المنطقة منذ أزيد من خمس سنوات، عبرت أول شاحنة محمّلة بالفواكه قادمة من المغرب نحو مليلية المحتلة، يوم الخميس 27 يونيو 2025، حاملة ما يقارب 15 طناً من البطيخ الأحمر والأصفر (الدلاح والشمام). هذه العملية، وإن بدت بسيطة في ظاهرها، تحمل في طياتها دلالات اقتصادية وسياسية عميقة، وترسم ملامح مرحلة جديدة من العلاقة بين الطرفين بعد سنوات من القطيعة الجمركية.

فقد أكّد خيسوس أغيليرا، المسؤول عن شركة “أغيليرا للجمارك” المشرفة على عملية الاستيراد، أن دخول الشاحنة تم دون عراقيل تُذكر، وأن الإجراءات تمت بانسيابية تامة، مما سهّل إيصال الحمولة إلى أحد كبار المستوردين في السوق المركزي، على أن تُوزّع لاحقًا في مختلف نقاط البيع بالمدينة.

تعود آخر عملية استيراد للفواكه من المغرب إلى فاتح غشت 2018، وهو التاريخ الذي أُغلق فيه المعبر الجمركي ببني انصار لأسباب متعددة، أبرزها التوترات السياسية والجمود الدبلوماسي. وقد أُعيد فتح المعبر رسميًا في 15 يناير 2025، إلا أن أولى الشحنات الزراعية لم تصل إلا بعد أكثر من خمسة أشهر، وهو تأخر يطرح تساؤلات حول مدى نجاعة الانفراج المُعلن، وما إذا كانت هذه المبادرة خطوة رمزية أم بداية لمسار منتظم.

رغم هذه الخطوة الإيجابية، لا تزال قطاعات أخرى، كاستيراد الأسماك، في حالة ركود تام. فقد أكّد نفس المصدر أن المستورد الرئيسي للأسماك في مليلية يوجد حاليًا في المغرب بحثًا عن موردين جدد وموانئ بديلة. ومن المرتقب أن تُستأنف هذه العمليات قريبًا إذا ما توفرت الظروف المناسبة.

أما في الاتجاه المعاكس، فلا تزال صادرات مليلية نحو الناظور محدودة جدًا، حيث تمر شاحنتان إلى ثلاث أسبوعيًا محمّلةً ببعض الأجهزة المنزلية والإلكترونية، دون أي توسع يذكر في قائمة المواد القابلة للتصدير. وتبقى اللقاءات المؤجلة مع مندوبة الحكومة صابرينا موح حول توسيع هذه القائمة، قيد الانتظار بعد تعافيها من عملية جراحية.

المؤشرات الاقتصادية الأولية تدعو إلى التفاؤل الحذر. فبين التسهيلات الجمركية والاحتياج الملح للأسواق في مليلية، يبدو أن هناك استعداداً حقيقياً لعودة التبادل التجاري، لكنّ العوائق البيروقراطية والسياسية لا تزال حاضرة، وتشكل تحدياً حقيقياً أمام الانفتاح الكامل.

غير أن هذه الشحنة، وإن كانت رمزية، تُمثل اختبار نوايا فعلياً لطرفي المعادلة: هل هناك رغبة صادقة في ترميم الجسور الاقتصادية؟ أم أنها مجرد بادرة ظرفية لا تلبث أن تتلاشى؟

رغم الرمزية المحدودة لحمولة من الفواكه، إلا أن عبورها قد يكون أشبه ببذرة صغيرة تُزرع في تربة العلاقة المعقدة بين المغرب ومليلية المحتلة. وإذا ما أحسنت الأطراف سقيها بالتفاهم والشفافية، فقد تتحوّل إلى موسم كامل من التبادل والشراكة.

فربما تكون شاحنة الدلاح هذه أكثر من مجرد شحنة فواكه…

بل علامة طريق نحو اقتصاد أكثر انفتاحًا، وحدود أقل توتّرًا، ومستقبل تعاوني واعد.

 

27/06/2025

Related Posts