kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا ملاذ آمن جديد في وجه الشواذ … من الأرقام الصامتة إلى السياسات الجريئة

إسبانيا ملاذ آمن جديد في وجه الشواذ … من الأرقام الصامتة إلى السياسات الجريئة

مع حلول اليوم العالمي لفخر مجتمع الميم (LGTBIQ+)، لم تكتف إسبانيا بالمواكبة الرمزية، بل أطلقت العنان لخطاب سياسي واجتماعي يعكس توجهًا واضحًا نحو ترسيخ مكانتها كـ”ملاذ آمن” لمضطهدي الميول الجنسية حول العالم.

وزيرة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة، إلما سايس، صرّحت بوضوح: “إسبانيا بلد لا يتراجع في الحق في الحب بحرية، بل يمضي قدمًا في حماية من يحتاجون للأمان.”

وفقًا للبيانات الرسمية، بلغت نسبة اللاجئين المعترف بهم في إسبانيا سنة 2024 بسبب ميولهم الجنسية 11.4%، أي بزيادة 2.5% مقارنة بسنة 2022.

وتتأسس هذه السياسة على اتفاقية جنيف لعام 1951، التي تعترف بحق اللجوء لكل من يُعرّف بأنه جزء من “مجموعة اجتماعية محددة”، ما يشمل الأقليات الجنسية في الدول التي لا تزال تجرّمهم، والتي تبلغ حاليًا أكثر من 80 دولة، بينها 5 تفرض عقوبة الإعدام.

ضمن نظام الحماية الدولية، خصصت إسبانيا مسارات خاصة لطالبي اللجوء من مجتمع الميم، تشمل:

إسكان آمن يأخذ بعين الاعتبار وضعهم الخاص.

-دعم نفسي واجتماعي بإشراف مختصين.

-ورشات توعية لمواجهة الكراهية والتمييز.

-دعم قانوني لضحايا الاعتداءات.

شراكات مؤسساتية مع منظمات مثل: ACATHI، AMLEGA، برنامج مدريد LGTBI، و”ONG Rescate”.

كما تبرز مبادرات غير نمطية مثل تقديم دعم خاص لضحايا العنف الداخلي داخل المجتمع نفسه، وهو موضوع غالبًا ما يُهمل في مقاربات اللجوء التقليدية.

تُذكّر الوزيرة سايث بأن إسبانيا شرّعت زواج المثليين منذ عقدين، وتصف المجتمع الإسباني بأنه “ناضج ومتضامن”. لكن واقع الحال لا يخلو من ثغرات؛ إذ تشير بعض التقارير إلى تمييز صامت داخل مراكز الاستقبال، أو غياب التأهيل الكافي للكوادر في بعض المناطق ذات الحساسية الثقافية.

في وقت تتجه فيه دول أوروبية إلى تقليص سياسات اللجوء، بدعوى الحفاظ على التماسك الاجتماعي والأمن الداخلي، يبدو أن مدريد تتبنى منطقًا مغايرًا، يُروّج لخطاب الانفتاح والمواطنة الكونية.
يقول أحد مسؤولي جمعية ACATHI: “إسبانيا لا تحاكمك على من تحب. بل تحميك ممن يفعل.”

مع ازدياد أعداد طلبات اللجوء، وتنوّع الخلفيات الثقافية والدينية للمستفيدين، تبرز تساؤلات عن قدرة النموذج الإسباني على الاستمرار دون احتكاكات اجتماعية أو توترات داخلية.

في الوقت الذي تحتفي فيه الحكومة بالانفتاح، يرى الخطاب المحافظ أن على إسبانيا التوفيق بين واجب الحماية وحق المجتمع في الحفاظ على توازناته الثقافية والدينية.

الترحيب بالمضطهدين لا يجب أن يُترجم إلى فرض نمط ثقافي أو قيمي على مجتمعات لا تزال محافظة بطبيعتها، سواء في الداخل الإسباني أو ضمن الجاليات الوافدة.

إنّ تحويل “الحق في الحماية” إلى أداة لإعادة تشكيل الهويات الوطنية قد يفتح بابًا لتوترات مستقبلية لا تقل خطورة عن تلك التي هرب منها اللاجئون أنفسهم.

ما بين مبادئ الإنسانية وحدود الواقعية، تقف إسبانيا أمام معادلة دقيقة: كيف تحمي المضطهد دون أن تخلق شعورًا بالإقصاء لدى باقي مكونات المجتمع؟

 

28/06/2025

Related Posts