في خطوة سياسية جريئة أربكت الإليزيه، صوّت برلمان كورسيكا الفرنسي بأغلبية مؤيدة للاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، موجهاً رسالة واضحة إلى الحكومة المركزية في باريس مفادها: “لا مجال لمزيد من التأجيل”. القرار الذي تبنته رئيسة الجمعية الإقليمية، ماري أنطوانيت موبيرتويس، لم يكتف بإعلان الدعم بل ذهب إلى حدّ مطالبة فرنسا بتعليق فوري لجميع صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، طالما استمرت الأخيرة في “العمليات المخالفة للقانون الدولي”، وفق نص القرار.
وجاء هذا الموقف في ظل الجمود الذي يطبع السياسة الخارجية الفرنسية حيال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، خصوصًا بعد تراجع الرئيس ماكرون عن مبادرة سابقة للاعتراف بدولة فلسطين، مبررًا ذلك بتطورات التصعيد الإيراني-الإسرائيلي، مع إعلانه التزامه بـ”حل الدولتين” دون جدول زمني واضح.
برلمان كورسيكا لم يترك مجالًا للبس، مؤكدًا أن الاعتراف بدولة فلسطين هو “ضرورة ملحّة” لإنهاء واحدة من أطول النزاعات في العالم، وداعيًا إلى قيام دولتين ذاتيْ سيادة تعترفان بالحقوق والمصالح المتبادلة.
القرار أثار تباينًا سياسيًا حادًا داخل فرنسا؛ ففي حين اعتبرته حركة “فرنسا الأبية” اليسارية “إشارة قوية لباقي الأقاليم والدولة الفرنسية”، وصفت حركة “الهوية الكورسيكية” اليمينية المتطرفة الخطوة بأنها “استسلام لليسار الإسلامي”، متجاهلة بذلك التاريخ الطويل لتضامن الحركات الاستقلالية الكورسيكية مع القضية الفلسطينية.
المفارقة أن جزيرة كورسيكا، التي تناضل بدورها من أجل اعتراف أوسع بحقوقها في الحكم الذاتي، باتت اليوم ترفع راية التضامن مع شعب تحت الاحتلال، في موقف قد يعيد رسم علاقة الهامش بالمركز داخل فرنسا نفسها.
28/06/2025