kawalisrif@hotmail.com

الشقق المفروشة :    مفاتيح العبث في الحسيمة … من يوقف الفوضى ؟

الشقق المفروشة : مفاتيح العبث في الحسيمة … من يوقف الفوضى ؟

في مدخل الحسيمة، لا تستقبلك رائحة البحر ولا نسائم الريف العليلة، بل يسبقك إلى المدينة صوت غريب: طنين المفاتيح، خشخشتها، طقطقتها، رنينها…

أصوات لا تأتي من نزلاء عابرين أو سكان دائمين، بل من غرباء وسماسرة يحملون المفاتيح ويتنقّلون بخفة في الأزقة والشوارع. وسطاء يفتحون أبواب الشقق دون حسيب أو رقيب، ويغلقون خلفهم أبواب القيم والأخلاق.

شقق مفروشة تُؤجَّر يوميًا، تُفتح وتُغلق على مدار الساعة، دون تسجيل، دون مراقبة، ودون التحقق من الهوية سوى ببطاقة وطنية واحدة – إن وُجدت.

لكن مع حلول الليل، تبدأ فصول أخرى من الحكاية. يظهر أشخاص لم تُسجّل أسماؤهم أصلًا، ويبدأ “العرض الليلي”، الذي يذكّرنا بسخرية عادل إمام في مسرحية شاهد ماشفش حاجة: “لابسة من غير هدوم”… مهزلة وفضائح على المكشوف!

في “كارابونيتا”، كما في شارعي محمد الخامس وعبد الكريم الخطابي، ينتشر سماسرة الشقق، يحرّكون المفاتيح، وتتكاثر الإعلانات الورقية الممزقة على إشارات المرور، الجدران، وأبواب الكراجات.

ورغم أن المجلس البلدي مشكور قام بحملة لإزالة هذه الإعلانات، فإن تلك الخطوة لم تلامس عمق المشكلة.

الحسيمة تحوّلت إلى سوق عشوائي لتأجير الشقق.
لا مراقبة، لا مساءلة عن هوية الوافدين، ولا تقنين. طالما أن “الزبون” لا يعارض السعر، فكل شيء مباح!

بعض الشقق أصبحت بؤرًا للأنشطة المشبوهة، في غياب تام للرقابة الأمنية أو الإدارية.

صحيح أن هناك ملاكًا شرفاء يحرصون على احترام القانون، لكنهم قلّة وسط بحر من الفوضى والتسيب.

والأدهى أن أسعار بعض هذه الشقق تفوق 700 و800 درهم لليلة، أغلى من عروض “Booking” و”Airbnb”، دون أن يقابل ذلك أي جودة، أو مساءلة، أو حتى أداء للضرائب.

في المقابل، تخضع الفنادق للمراقبة، تطلب بطائق الهوية، عقود الزواج، وتُصرّح بمداخيلها… أما هذه الشقق، فتنشط في الظل، دون تسجيل أو التزام.

بعضها تحوّل إلى بؤر للدعارة والفساد، وأخرى إلى ملاجئ لممارسات غير قانونية، خصوصًا في ضواحي المدينة، حيث تنعدم الرقابة.

السلطات لا تتحرّك إلا عند وقوع جريمة أو بعد اتصال طارئ.

وللتذكير فقط هناك حوادث مؤلمة سجلت سابقا بالحسيمة :

— وفاة شخص داخل شقة مفروشة وسط المدينة في ظروف غامضة.

— وفاة سيدة بحي سيدي عابد بسبب تسرب الغاز.

— الحكم القضائي الذي صدر عن محكمة الاستئناف بالحسيمة، وألزم مالك شقة بأداء تعويض قدره 10 ملايين سنتيم لزوج الضحية.

ورغم هذه الوقائع، لم تُفتح أبواب إصلاح جذري.

الحسيمة مدينة ذات طابع محافظ، وعمق تاريخي، وهوية ثقافية. لا تستحق أن تُختزل في مسرح للعبث أو ساحة لربح سريع بلا ضمير.

 

29/06/2025

Related Posts