في حدث فكري بارز يحمل أبعادًا تاريخية مغاربية، يُنظّم منتدى الفلسفة وثقافة السلام بشراكة مع مؤسسة محمد خضير الحموتي – الجندي الإفريقي لحفظ ذاكرة الريف وشمال إفريقيا، ندوة فكرية مساء غد الثلاثاء، بجامعة “أونيد” بمدينة مليلية المحتلة، تحت عنوان:.”مساهمة مليلية في تحرير الجزائر: شخصية محمد الخضير الحموتي”، ويؤطرها المؤرخ المغربي الدكتور ميمون أزيزا، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس.
الندوة تأتي في سياق متجدد لإحياء الذاكرة التاريخية الريفية، وإعادة الاعتبار لأدوار مغربية منسية في مسار تحرير الجزائر، حيث تسلط الضوء على مساهمة مدينة مليلية، رغم وضعها الاستعماري، في دعم نضال جبهة التحرير الوطني الجزائرية، من خلال شخصيات مغربية وريفية بارزة، كان على رأسها المقاوم محمد الخضير الحموتي، المعروف بلقب “الجندي الإفريقي”.
ويستعرض الدكتور ميمون أزيزا في مداخلته معطيات تاريخية موثقة، أغلبها من الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي، تُظهر كيف تحولت مليلية في سنوات ما بين 1954 و1962 إلى نقطة عبور للأسلحة والمقاتلين نحو الداخل الجزائري، بشراكة غير معلنة بين مناضلين من شمال المغرب، وشبكات المقاومة الجزائرية.
وتوقف العرض التحضيري عند الدور النوعي الذي لعبه محمد الخضير الحموتي، الذي لم يكن فقط ممولًا سريًا للثورة الجزائرية، بل شريكًا استراتيجيًا لقادتها، مستضيفًا لرموزها في بيته ببني أنصار، وفاعلًا في محطات حاسمة من مسارها، كحضور مؤتمر الصومام، والمساهمة في تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سنة 1958، رغم رفضه تولي منصب وزاري حفاظًا على جنسيته المغربية.
الندوة تسعى أيضًا إلى لفت الانتباه في اختفاء الحموتي الغامض سنة 1963، بعد سفره إلى الجزائر في مهمة قيل إنها بتكليف من الملك الحسن الثاني، دون أن يظهر له أثر منذ ذلك الحين، وهو ما جعل ذاكرته تغيب عن السرديات الرسمية في كل من الجزائر والمغرب، رغم ما قدّمه من تضحيات جسيمة.
وتمثل هذه الندوة العلمية مناسبة لإعادة قراءة تاريخ مليلية والريف من زاوية مغاربية، لا تكتفي بالسرد الكولونيالي بل تُنصف الأدوار المتعددة التي لعبتها مناطق الشمال المغربي في دعم القضايا التحررية بالمنطقة.
