في ظل زخم التقارب المتسارع بين الرباط ودمشق، برزت أصوات سورية سياسية بارزة تدعو علنًا إلى إعادة رسم ملامح الموقف الرسمي السوري من قضية الصحراء المغربية، بما يتماشى مع التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة.
ففي رسالة مفتوحة وُجّهت إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، دعا الحزب الليبرالي السوري القيادة السورية إلى اتخاذ خطوة “جريئة ومسؤولة” تتمثل في الاعتراف الصريح بسيادة المملكة المغربية على كامل ترابها الصحراوي، وتصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي محظور على الأراضي السورية.
هذه الدعوة تأتي عقب إغلاق دمشق في 27 ماي الماضي مكاتب جبهة البوليساريو على أراضيها، في خطوة وُصفت حينها بأنها إشارة واضحة إلى بداية نهاية سياسة الحياد السلبي التي اتبعتها الحكومات السورية السابقة تجاه نزاع الصحراء. ووفق ما ورد في الرسالة، ثمّن الحزب السوري هذه الخطوة، معتبرًا إياها “نتيجة طبيعية لكشف الدور الخبيث الذي لعبته البوليساريو كذراع إيرانية موازية لحزب الله في شمال إفريقيا وكمصدر تهديد للأمن القومي العربي”.
شدد الحزب الليبرالي السوري على أن الاعتراف بالسيادة المغربية لم يعد مجرد خيار دبلوماسي، بل حاجة ملحة تفرضها ضرورات الانفتاح السوري واستعادة الثقة في المحيط العربي والدولي. وأكد في ذات السياق أن دعم البوليساريو كان “أحد أبرز أوجه الانحراف الدبلوماسي في عهد النظام السابق”، في إشارة إلى فترة حكم بشار الأسد، مشددًا على أن “تصحيح هذا المسار سيمثل مفتاحًا لعهد جديد من التعاون السوري-المغربي على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.
الرسالة، وإن كانت موجهة إلى الداخل السوري، فإنها تحمل أبعادًا خارجية واضحة، تعكس أولاً رغبة واضحة في تحجيم النفوذ الإيراني على القرار السيادي السوري، وثانيًا التطلع إلى شراكة استراتيجية جديدة مع الرباط، التي أصبحت اليوم فاعلاً وازنًا في توازنات المنطقة.
وأكد فهد المصري، رئيس اللجنة التأسيسية للحزب الليبرالي السوري، أن “الرهان على المغرب هو رهان على دولة راسخة في استقرارها، موثوقة في التزاماتها، ومؤثرة في محيطها الإفريقي والعربي والدولي”، مضيفًا أن هذه الخطوة “تفتح الباب أمام سوريا لاستعادة موقعها الطبيعي ضمن النسيج العربي بعيدًا عن الاستقطابات المدمرة”.
رغم عدم صدور أي موقف رسمي من الحكومة السورية حتى الآن، فإن تسريب هذه الرسالة وتوقيتها في أعقاب اللقاء الذي جمع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بنظيره السوري أسعد الشيباني في بغداد، يطرح احتمال أن تكون دمشق بصدد إعادة تموضع دبلوماسي هادئ يعيد النظر في مواقفها السابقة تجاه قضايا محورية تمس الأمن القومي العربي.
فهل تمهّد هذه الرسالة لتحول رسمي وشيك في الموقف السوري من قضية الصحراء؟ وهل ستكون دمشق العاصمة التالية التي تلتحق بركب الاعتراف العربي المتزايد بسيادة المغرب على صحرائه؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
30/06/2025