في مشهد يثير الحيرة والدهشة، باتت تفاصيل تحركات وأنشطة عامل إقليم الحسيمة، حسن الزيتوني، واجتماعاته المغلقة وقراراته قبل تنفيذها وحتى المراسلات السرية التي يتلقاها من المركز تتسرب إلى العلن قبل أن يُعلَن عنها رسميًا من طرف مصالح العمالة.
لا يتعلق الأمر بمجرد تسريبات عابرة، بل بمعلومات دقيقة، وفي بعض الأحيان مثيرة، تصل إلى مسامع الشارع المحلي قبل أن تَخرج حتى من مكاتب الإدارة الترابية.
ما أن يُقرّر العامل زيارة ميدانية أو اجتماعًا داخليًا، حتى تكون المجالس والمقاهي قد تداولت الخبر، وأحيانًا بأسماء المدعوين، ومحاور النقاش، وحتى موقع الجلسة. بل إن البعض يذهب بعيدًا في سرد تفاصيل تتعدى الحياة المهنية لتطال ما إذا تناول العامل وجبته في مقر إقامته أو خارجه، ومن حضّر له الطعام، وماذا وُضع على المائدة !
هذه الظاهرة، التي تحولت إلى لغز محلي، تفتح الباب أمام جملة من التساؤلات الحساسة: من يسرّب؟ ولماذا؟ وكيف يُسمح بمثل هذا الاختراق داخل مؤسسة ترابية يُفترض فيها الصرامة والتحفظ في تدبير المعلومة؟
في الكواليس، تُوجّه أصابع الاتهام – بغير تصريح مباشر – نحو الدائرة الضيقة المحيطة بالعامل، خاصة من يرافقه باستمرار في تحركاته اليومية … وهنا يُطرح، بحدة، اسم السائق الخاص. لا من باب الإدانة، ولكن من زاوية القرب اليومي والاطلاع المستمر على البرمجة والمكالمات وحتى الإشارات العابرة.
ويذهب البعض إلى أن هذه “النافذة” قد لا تكون عمدًا بابًا للتسريب، بل مجرد تراكمات لأحاديث تُتداول في لحظات عفوية، لتتحوّل لاحقًا إلى إشاعات دقيقة تسابق قرارات الإدارة الرسمية.
مقابل ذلك، يرى آخرون أن ما يحدث لا يخرج عن طبيعة مجتمع صغير، يميل إلى تضخيم كل ما يتعلق بالسلطة، ويحوّل المعطيات الأولية إلى قصص مشوّقة قابلة للتمطيط والتأويل، في غياب أي حواجز واضحة بين المعلومة والإشاعة.
لكن، في خلفية هذا “الضجيج”، تلوح فرضية أخطر: هل هناك محاولة ممنهجة لتشويش صورة العامل؟ هل النجاح النسبي الذي حققه في عدد من الملفات جعله هدفًا للبعض؟ وهل كل مسؤول نشيط محكوم عليه بأن يُدفع إلى ساحة الإشاعات طوعًا أو كرهًا؟
مهما تكن الخلفيات، تبقى الإدارة الترابية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعادة ترتيب أوراقها، وضبط منافذ المعلومة، وتطويق منابع التسريب، حمايةً للثقة، وصونًا لصورة المؤسسة. كما أن الرأي العام المحلي مدعو بدوره إلى ممارسة نقد مسؤول، يفرق بين حق المعرفة وبين الاستسهال في ترويج أخبار تمس سمعة الأفراد وتُربك العمل المؤسساتي.
01/07/2025