في وقت تسعى فيه الدولة إلى ترسيخ مفاهيم الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، يعيش مواطنو إقليم الناظور، وخاصة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، واقعًا مريرًا داخل أروقة جماعة الناظور، حيث تحول قسم الشؤون القانونية إلى عنوان للتعسف الإداري والشطط في استعمال السلطة.
ورغم الاجتماعات المتكررة التي يعقدها عامل الإقليم مع رؤساء المصالح بهدف حل مشاكل المواطنين وتبسيط المساطر الإدارية، تبقى هذه الجهود معلقة أمام جدار الصمت والتواطؤ داخل الجماعة، التي يشكو العديد من مرتفقيها من سلوكيات مشينة تمس كرامتهم وحقوقهم.
أفراد الجالية، الذين يقطعون آلاف الكيلومترات كل صيف لتسوية أوضاعهم القانونية والعقارية، يُفاجَؤون بتعامل مهين من بعض المسؤولين، وعلى رأسهم رئيس قسم الشؤون القانونية سعيد بوفتيل، الذي يُتهم بممارسة ابتزاز مباشر، وفرض عراقيل بيروقراطية غير مبررة، في انتهاك صارخ للقانون والدستور.
وفي حلقة سابقة نشرتها “كواليس الريف” من مسلسل الفساد، كشفت وثائق رسمية عن تجاوز خطير ارتكبه بوفتيل سنة 2020 حين كان يرأس مصلحة الجبايات، حيث منح شهادة إبراء ضريبي لمقاول مدين للجماعة بـ200 مليون سنتيم، دون أي سند قانوني أو تفويض، وبشكل سري يثير الشبهات حول صفقة فساد مكتملة الأركان.
الأدهى من ذلك، أن تدخلات نافذة حالت دون مساءلته، بل وتمت مكافأته بترقية مستفزة بدل متابعته، في مشهد يضرب كل المبادئ التي ينادي بها الخطاب الرسمي للدولة حول تخليق الإدارة ومحاربة الفساد.
هذا الواقع المرير يطرح أسئلة ملحة: إلى متى سيظل بعض المسؤولين محصنين من المحاسبة؟ ومن يحمي الفاسدين داخل الجماعات المحلية؟ ولماذا يُترك المواطنون والجالية تحت رحمة مسؤولين يستغلون مواقعهم لقضاء المصالح الشخصية؟
الجماعة التي من المفترض أن تكون فضاءً لخدمة المواطنين، تحولت في الناظور إلى مؤسسة منهكة بثقافة الإفلات من العقاب، تحتاج إلى تدخل صارم من الجهات الوصية لوقف النزيف ومحاسبة المتورطين، في ظل وجود رئيس صامت يخاف من كل شئ ، إلا من تطبيق القانون على موظفيه ، قبل أن يفقد الناس ما تبقى من ثقتهم في الإدارة.
02/07/2025