kawalisrif@hotmail.com

“الرياض” بالناظور … فندق أم وكر منظَّم لبيع الكرامة ؟

“الرياض” بالناظور … فندق أم وكر منظَّم لبيع الكرامة ؟

في قلب مدينة يُفترض أنها خاضعة لحكم القانون، لا لإقطاعيات الدعارة العابرة للحدود، يبرز فندق “الرياض” كعنوان فاضح لانهيار القيم ، وكنقطة سوداء في سجل السياحة المغربية. فبين واجهة مزينة بنجوم التصنيف الفندقي، وغرف تُؤثَّث لعلاقات تُدار بالمال والصمت، يتحوّل المكان من فضاء للراحة إلى مسرح يومي لانتهاك الشرف البشري والمؤسساتي.

لا يخجل “الرياض” من واقعه، فهو لا يضع القناع أصلًا. الفساد هنا ليس عفويًا ولا عرضيًا، بل جزء من منظومة متكاملة يُشرف عليها من يُفترض أنهم حماة القانون. غرف الفندق تُدار كما لو أنها نقاط استجواب للرغبات العابرة، ومكاتب الاستقبال تتحوّل إلى وكالات سمسرة لبيع الجسد بمسميات مغلّفة.

تُرفع لافتة “رخصة سياحية” على المدخل، لكنها في الواقع ليست سوى شهادة وفاة للكرامة، وتذكرة عبور إلى سوق مظلم تُسعَّر فيه الأجساد حسب “جودة الخدمة” و”مستوى الزبون”. لا حاجة هنا للبحث عن القانون، فـ”التفاهم” هو السائد، و”العين الغافلة” هي الحارس الرسمي.

السؤال الذي يتردد على ألسن الساكنة ليس: “هل الدولة تعلم؟”، بل: “مَن داخل الدولة يحمي هذا النموذج؟”.

السلطات المحلية مشغولة بحفلات القصّ واللزق تحت يافطات تنموية واحتفالية لا تلامس الواقع.

الأمن السياحي، حين يُرى، ينظّم الطوابير عند المدخل أكثر مما يراقب ما يجري خلف الأبواب المغلقة.

لجنة المراقبة المشتركة؟ آخر ظهور لها كان في ندوة حول “حسن الاستقبال” و”جمالية الفضاء العام”.

أما الاستعلامات العامة، فهي منشغلة بمطاردة شباب ينشرون فيديوهات انتقادية، بدل ملاحقة الوسطاء الفعليين لتجارة الرقيق الأبيض.

بعيدًا عن الفوضى الظاهرة، كل شيء في “الرياض” خاضع لمنطق حسابي صارم :

من يدخل، من يخرج، من يدفع، ومن يستفيد.

سجلات غير مكتوبة تُدوَّن فيها مواعيد “الصفقات”،

وأسماء “الزبائن المحميين”، بينما تُحدَّد تسعيرة “السكوت” مسبقًا حسب رتبة الزبون أو خلفيته.

وحتى “الساعة الإضافية” في الغرف تُعامَل كضريبة خفية… على الوجع.

الكارثة الأكبر لا تكمن فقط في ما يجري داخل الفندق، بل في كيفية وصول الضحايا إليه.

بعض الفتيات يُستقدمن من مدن مغربية أو من أحياء الناظور المهمّشة، بوعود كاذبة.

وما إن تطأ أقدامهن المدينة حتى تبدأ رحلة الاستغلال: تُصادر جوازات السفر، وينحصر الخيار بين “الخضوع” أو “الترحيل المذل”.

أما “الطابق السفلي” في الفندق، فيتحوّل إلى زنزانة ناعمة لمن لا صوت لهن.

ما يجري داخل هذا الفندق لا يمكن اعتباره حادثًا معزولًا، بل هو على الأرجح رأس جبل جليدي لفساد أوسع، تُدبّره شبكات تعمل في الظل وتستفيد من اقتصاد غير مهيكل قائم على بيع الجسد تحت غطاء السياحة والرفاه.
إن الصمت الرسمي، بل الغياب المتعمّد لأي رادع، يطرح سؤالًا مريرًا:

هل نحن أمام تساهل إداري؟ أم شراكة غير معلنة في الربح القذر؟

وهل “الرياض” هو المكان الوحيد الذي يُدار بهذه الطريقة؟ أم أنه مجرد نسخة مفضوحة لما يجري في أماكن أخرى، أكثر دهاءً وأقل ضجيجًا؟

إذا كانت المؤسسات الرسمية قد اختارت دور المتفرج، أو وقّعت ضمنيًا على اتفاق “اللا مساءلة”، فمن سيتكفّل بحماية ما تبقّى من القيم ؟

 

03/07/2025

Related Posts