القضاء العسكري الإسباني يبرّئ عقيدا من تهمة “إهانة جندية متحولة جنسيًا” : «ستكونين أفضل مثلية في إسبانيا» لا تُعد جريمة !

أثار قرار المحكمة العسكرية المركزية في إسبانيا موجة جدل واسعة، بعد أن رفضت الطعن الذي تقدّمت به جندية سابقة في وحدة “الريغولاريس” بمدينة سبتة المحتلة، كانت قد اتهمت ضابطًا برتبة عقيد وزميله برتبة كابتن بـ”سوء المعاملة” و”التمييز بناءً على الهوية الجندرية”، على خلفية عبارة مثيرة قالها العقيد: «ستكونين أفضل متحولة جنسية في إسبانيا».

وتعود الواقعة إلى أكتوبر 2023، حين تقدّمت الجندية، وهي متحولة جنسيًا، بشكوى رسمية ضد العقيد وأحد الضباط، بدعوى تعرّضها لتصرفات “تمس بكرامتها” بسبب هويتها الجندرية. وقد استندت في شكواها إلى تسجيل صوتي لحوار دار بين الطرفين داخل مكتب العقيد، تضمّن العبارة التي أثارت استياءها، إلى جانب تعليقات شعرت معها بـ”الترهيب” و”التقليل من شأنها”.

غير أن القضاء العسكري لم يجد في الملف ما يبرر توجيه أي تهمة، معتبرًا أن التصريحات “لا تشكّل جرمًا جنائيًا ولا حتى مخالفة تأديبية”، واصفًا قرار حفظ الملف بأنه “منطقي، مبرر، ومعقول”.

وجاء في حيثيات الحكم أن “عددًا كبيرًا من الشهود” أدلوا بتصريحات “قاطعة”، أكدوا فيها أن الجندية “كانت تحظى بمعاملة مهنية ومحترمة”، ولم يسجّلوا أية إساءة أو تمييز من قِبل قيادتها. كما اعتبر الحكم أن العقيد لم تصدر عنه أي تصرفات يمكن تفسيرها على أنها محاولة للإذلال أو الإهانة أو النيل من الكرامة.

في المقابل، لم يُنكر القضاة احتمال وجود “نقص في الحساسية” لدى العقيد في طريقة تعبيره، لكنه – بحسب المحكمة – لا يرقى إلى مستوى “السلوك المهين أو التمييزي” الذي يتطلّبه القانون لثبوت الجرم.

ويُظهر الملف الشخصي للجندية أنها التحقت بوحدة “الريغولاريس 54” في ماي 2021. وخلال تمرين ميداني في الصيف، تعرّضت لإصابة أثناء محاولة اجتياز عائق بدني، ما تسبب في توقّفها عن الخدمة لعدة أشهر. وفي يناير 2022، عادت إلى وضع “العجز الطبي المؤقت” نتيجة مضاعفات، واستمر وضعها تحت المراقبة الطبية إلى أن تم إنهاء مهامها في أبريل من العام ذاته.

وتؤكد الجندية أنها شعرت بـ”الضغط والإهانة” خلال اجتماع مغلق مع العقيد، تم دون حضور محاميها، حيث قال لها: «كان عليكِ أن تثقي بقيادتك، لا حاجة للمحامين»، قبل أن يتفوّه بعبارة «ستكونين أفضل متحولة في إسبانيا»، التي تم تسجيلها دون علمه، وشكّلت لاحقًا جوهر الدعوى.

ورغم محاولات محامي الدفاع الطعن في قرار الحفظ، بدعوى وجود “شبهات استغلال للسلطة”، أغلقت المحكمة الملف نهائيًا، منهية بذلك معركة قانونية دامت أكثر من عام.