شاب معلق بين السماء والأرض يطالب بكشف حقيقة وفاة والده

على ارتفاع شاهق فوق خزان مائي بجماعة أولاد يوسف بإقليم بني ملال، يواصل شاب أربعيني يُدعى بوعبيد، ويُلقب بـ”فلسطين”، اعتصامًا مفتوحًا منذ عشرة أيام، في خطوة احتجاجية نادرة تختزل مزيجًا من الألم واليأس. صعد بوعبيد إلى أعلى الخزان صباح الثلاثاء الماضي، وأعلن دخوله في اعتصام صامت، متحديًا قساوة الحر والعطش، ومتشبثًا بمطلب واحد لا يقبل المساومة: فتح تحقيق نزيه وشفاف في وفاة والده، التي يصفها بأنها غامضة ومرتبطة بظروف تقاعده.

ورغم المحاولات المتكررة من السلطات المحلية لثنيه عن موقفه، يواصل بوعبيد اعتصامه بصمت مطبق، لا يكسره سوى ترديده لعبارة “عاش الملك”، وكأنها صرخة أخيرة موجّهة مباشرة لمن بيده الحل. شهادات استقتها “كواليس الريف” من سكان الجماعة تؤكد أن بوعبيد رجل هادئ ومسالم، يعيش ظروفًا اجتماعية صعبة، ولم يُعرف عنه من قبل أي ميول تصعيدية، غير أن انسداد الأبواب، كما عبّر أحد جيرانه، دفعه إلى اتخاذ هذا الشكل الحاد من الاحتجاج. ومن أكثر اللحظات المؤثرة التي شهدها المكان، حضور والدته القادمة من العيون، وهي تحاول باكية إقناعه بالنزول، دون أن تنجح في كسر عزيمته.

الواقعة أثارت تفاعلًا واسعًا وسط الرأي العام المحلي، وتحول موقع الاعتصام إلى وجهة يومية للمواطنين، الذين يتابعون الموقف بذهول وحسرة، في ظل غياب أي تدخل رسمي فعّال ينهي الأزمة قبل أن تتحول إلى مأساة إنسانية. الهيئات الحقوقية والمدنية دقت ناقوس الخطر، محذّرة من كارثة وشيكة، خاصة في ظل تدهور الوضع الصحي والنفسي للمعتصم. بوعبيد ما زال هناك، معلقًا بجسده النحيل، يطالب بالحقيقة، ويشترط فتح تحقيق جدي في ملابسات وفاة والده، إلى جانب تسوية ملف إرث يراه جزءًا من الأزمة التي أجبرته على هذا الخيار القاسي.