في واحدة من أخطر الضربات الأمنية للفساد والتهريب داخل أجهزة الدولة، اعتقلت الشرطة الإسبانية والحرس المدني مسؤولًا رفيعًا في جهاز “المراقبة الجمركية” بكتالونيا، يدعى فرانسيسكو خافيير مارتين ميانيّا، بتهمة قيادة شبكة لتهريب التبغ على نطاق واسع عبر ميناء برشلونة. وتم إيداعه السجن الاحتياطي رفقة ثلاثة متهمين آخرين بعد توجيه تهم الرشوة وإفشاء أسرار مهنية.
التحقيقات كشفت أن الشبكة كانت تملك القدرة على استيراد وإخراج حاويات من الميناء خلسة، بفضل تعاون مجموعة من العمّال والناقلين والموظف الجمركي المعتقل. هذا الأخير كان يوفر التغطية الأمنية الكاملة لتفادي أي تدخل من القوات الأمنية أو الجمارك الرسمية.
وأثناء العملية الأمنية التي نفذتها مصالح الحرس المدني والوكالة الضريبية، تم تنفيذ 12 عملية مداهمة في كل من برشلونة، تاراغونا، وغرناطة، وأسفرت عن حجز أكثر من 2.1 مليون علبة تبغ كانت مخبأة في 4 حاويات قادمة من تركيا، وتُقدر قيمتها السوقية بأكثر من 8.8 مليون يورو، إلى جانب حجز مبالغ مالية ضخمة، عملات مشفرة، ست سيارات، وساعات فاخرة.
في إحدى المداهمات بمنطقة سانت بير دي ريبيس قرب برشلونة، هاجم أحد المشتبه فيهم عناصر الأمن بـساطور طوله 38 سنتيمترًا، ما دفع عناصر التدخل السريع لإطلاق النار على ذراعه، ليتم نقله إلى مستشفى “بيلفيتش”، حيث تلقى العلاج وغادر لاحقًا.
العملية الأمنية انطلقت فعليًا يوم 14 ماي، حين تم توقيف حاوية قيل إنها فارغة لكنها كانت مملوءة بالتبغ، بعد خروجها بشكل سري من ميناء “Port Nou”. هذا الاكتشاف قاد المحققين إلى البحث داخل الميناء، حيث تم العثور على 3 حاويات إضافية مخفية بطريقة مشابهة.
وتبين لاحقًا أن المسؤول الجمركي المعتقل، ميانيّا، كان يحتل المركز الثاني في جهاز المراقبة الجمركية في كتالونيا، وكان على وشك التقاعد يوم 9 يوليوز.
الموقوفون يواجهون تهمًا تتعلق بـتهريب التبغ، تبييض الأموال، والانتماء إلى منظمة إجرامية. وتعيد هذه الفضيحة فتح النقاش حول نزاهة بعض الأجهزة الحساسة داخل الدولة، ومدى قدرتها على حماية المرافق الحيوية من التغلغل الإجرامي.
ومع أن الضربة الأمنية وُصفت بالناجحة، إلا أن الرأي العام الإسباني بدأ يطرح تساؤلات محرجة حول كيف يمكن لمسؤول جمركي بهذا المستوى أن يتحول إلى حامي لشبكات التهريب، دون أن يتم رصده لسنوات!
الوقت وحده كفيل بكشف حجم الفساد المستتر داخل ما يُفترض أنها “أجهزة الرقابة”!
04/07/2025