في مواجهة ضغوط متزايدة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أصر رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، على موقفه الرافض للانخراط في سباق التسلّح، معلنًا رفضه الالتزام برفع الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد المقبل. موقفٌ أثار جدلاً داخليًا وخارجيًا، لكنه حظي بدعم شعبي ملحوظ، بحسب استطلاع للرأي أجرته مؤسسة 40dB لصالح جريدتي El País وإذاعة Cadena SER.
ووفقًا للاستطلاع، أيّد 42.1% من الإسبان قرار سانشيز، حيث وصفه 24.6% بـ”الجيد جدًا”، و17.5% بـ”الجيد إلى حد ما”. في المقابل، اعتبر 30.5% من المشاركين القرار “سيئًا” بدرجات متفاوتة، فيما تبنّى 18.7% موقفًا وسطًا، لا مؤيدًا ولا رافضًا.
الانقسام السياسي بدا جليًا في نتائج الاستطلاع؛ فقد عبّر ناخبو اليمين المحافظ، وتحديدًا حزب الشعب (PP) وفوكس (Vox)، عن رفضهم الشديد للقرار بنسبة سلبية بلغت -31.1% و-40.1% على التوالي. بالمقابل، أبدى مؤيدو أحزاب اليسار، مثل بوديموس وسومار والحزب الاشتراكي العمالي (PSOE)، دعمًا واسعًا، تجاوز في بعض الحالات 70%.
وعلى صعيد الأجيال، أظهر الاستطلاع أن الدعم لرفض رفع الإنفاق العسكري يزداد مع التقدم في السن: 9.2% للفئة بين 28–43 سنة، 13% لمن تتراوح أعمارهم بين 44–59 سنة، و19.4% لمن تجاوزوا الستين. في حين عبّر الشباب (18–27 عامًا) عن رفضهم، وهي الفئة التي تُعتبر خزّانًا انتخابيًا مهمًا لليمين المتطرف، خصوصًا حزب فوكس.
ورغم الحملة الإعلامية التي روّجت لرفض شامل للإنفاق العسكري، فإن سانشيز لم يغلق الباب تمامًا؛ إذ أعلن التزامه برفع الميزانية الدفاعية إلى 2.1% من الناتج المحلي، معتبرًا أن السقف المقترح من حلف الناتو غير ضروري، بل وربما مبالغ فيه، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد.
هكذا، وبينما تطالب واشنطن برفع الميزانيات العسكرية وتُلوّح بالأخطار القادمة من الشرق، يرد الإسبان بإشارة “لا شكرًا” ويواصلون تصويتهم لصالح المزيد من الإنفاق على التعليم والصحة. ويبدو أن في إسبانيا، لا تزال هناك فئة واسعة ترى أن الدبابة لا تشتري خبزًا، وأن التسلّح لا يعالج الأزمات السكنية. أما سانشيز، فربما اختار أن يحارب الانقسام الداخلي بدلًا من خوض معارك الكبار في مؤتمرات الناتو… على أمل ألا تتحوّل الواقعية الإسبانية قريبًا إلى “تبعية استراتيجية مع وقف التنفيذ”!
04/07/2025